" صفحة رقم ٦٦ "
أو بلدانهم إذ العبرة فيما وراء ذلك من ضلالهم أو إيمانهم. وكذلك مواضع العبرة في قدرة الله تعالى في قصة أهل الكهف ) أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ( إلى قوله ) نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ( الآيات. فلم يذكر أنهم من أي قوم وفي أي عصر. وكذلك قوله فيها ) فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة ( فلم يذكر أية مدينة هي لأن موضع العبرة هو انبعاثهم ووصول رسولهم إلى مدينة إلى قوله ) وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق ).
الفائدة الثالثة : ما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى ) فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ( وما فيها من فائدة ظهور المثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس أو ضد ذلك.
الفائدة الرابعة : ما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها، وعصت أوامر ربها حتى يرعووا عن غلوائهم، ويتعظوا بمصارع نظرائهم وآبائهم، وكيف يورث الأرض أولياءه وعباده الصالحين قال تعالى ) فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ( وقال ) لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ( وقال ) ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ( وهذا في القصص التي يذكر فيها ما لقيه المكذبون للرسل كقصص قوم نوح وعاد وثمود وأهل الرس وأصحاب الأيكة.
الفائدة الخامسة : أن في حكاية القصص سلوك أسلوب التوصيف والمحاورة وذلك أسلوب لم يكن معهودا للعرب فكان مجيئه في القرآن ابتكار أسلوب جديد في البلاغة العربية شديد التأثير في نفوس أهل اللسان، وهو من إعجاز القرآن ؛ إذ لا ينكرون أنه أسلوب بديع ولا يستطيعون الإتيان بمثله إذ لم يعتادوه، انظر إلى حكاية أحوال الناس في الجنة والنار والأعراف في سورة الأعراف، وقد تقدم التنبيه عليه في المقدمة الخامسة فكان من مكملات عجز العرب عن المعارضة.
الفائدة السادسة : أن العرب بتوغل الأمية والجهل فيهم أصبحوا لا تهتدي عقولهم إلا بما يقع تحت الحس، أو ما ينتزع منه ففقدوا فائدة الاتعاظ بأحوال الأمم الماضية وجهلوا معظمها وجهلوا أحوال البعض الذي علموا أسماءه فأعقبهم ذلك إعراضا عن السعي لإصلاح


الصفحة التالية
Icon