" صفحة رقم ١٠٧ "
يطمئنوا من أنْ يسلّط الله المسلمين عليهم في غير الأشهر الحرم، وإن قبعوا في ديارهم.
وافتتاح الكلام ب ) واعلموا ( للتنبيه على أنّه ممّا يحقّ وعيه، والتدبر فيه، كقوله :( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه في سورة الأنفال ( ٢٤ )، وقد تقدّم التنبيه عليه.
والمُعجز اسم فاعل، من أعجز فلاناً إذا جعَله عاجزاً عن عمل مَّا، فلذلك كان بمعنى الغالب والفائِت، الخارج عن قدرة أحد، فالمعنى : أنّكم غير خارجين عن قدرة الله، ولكنّه أمّنكم وإذا شاء أوقعكم في الخوف والبأس.
وعُطف قوله : وأن الله مخزي الكافرين ( على قوله :( أنكم غير معجزي الله ( فهو داخل في عمل ) واعلموا ( فمقصود منه وعيه والعلم به كما تقدم آنفاً.
وكان ذكر ) الكافرين ( إخراجاً على خلاف مقتضى الظاهر : لأنّ مقتضى الظاهر أن يقول : وإنّ الله مخزيكم، ووجه تخريجه على الإظهار الدلالة على سبيبة الكفر في الخزي.
والإخزاء : الإذلال. والخزي بكسر الخاء الذلّ والهوان، أي مقدّر للكافرين الإذلال : بالقتل، والأسر، وعذاب الآخرة، ما داموا متلبّسين بوصف الكفر.
٣ ) ) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاَْكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِى ءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُو اْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ).
عطف على جملة ) براءة من الله ورسوله ( ( التوبة : ١ ) وموقع لفظ ) أذان ( كموقع لفظ ) براءة ( ( التوبة : ١ ) في التقدير، وهذا إعلام للمشركين الذين لهم عهد بأنّ عهدهم انتقض.
والأذانُ اسم مصدر آذنه، إذا أعلمه بإعلان، مثل العطاء بمعنى الإعطاء، والأمان بمعنى الإيمان، فهو بمعنى الإيذان.


الصفحة التالية
Icon