" صفحة رقم ١٢٥ "
قرآن غيرُ المتلو عليهم أو بُدل ما يرومون تبديلَه آمنوا ) كانوا إذا أنذرهم النبي ( ﷺ ) بعذاب الله قالوا : تشفع لنا آلهتنا عند الله. وقد روى أنه قاله النضر بن الحارث ( على معنى فرض ما لا يقع واقعاً ) ( إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعُزّى ). وهذا كقول العاص بن وائل، وكان مشركاً، لخبّاب بن الأرت، وهو مسلم، وقد تقاضاه أجراً له على سيف صنعه ( إذا كان يوم القيامة الذي يُخبر به صاحبك ( يعني النبي ( ﷺ ) فسيكون لي مال فأقضيك منه ).
( وفيه نزل قوله تعالى :( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوُتَيَنَّ مالاً وولداً ( ( مريم : ٧٧ ) الآية ).
ويجوز أن تكون جملة :( ويعبدون ( الخ عطفاً على جملة :( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ( ( يونس : ١٧ ) فإن عبادتهم ما لا يضرهم ولا ينفعهم من الافتراء.
وإيثار اسم الموصول في قوله :( ما لا يضرهم ولا ينفعهم ( لما تؤذن به صلة الموصول من التنبيه على أنهم مُخطئون في عبادة ما لا يضر ولا ينفع، وفيه تمهيد لعطف ) ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ( لتحقير رأيهم من رجاء الشفاعة من تلك الأصنام، فإنها لا تقدر على ضر ولا نفع في الدنيا فهي أضعف مقدرة في الآخرة.
واختيار صيغة المضارع في ) يعبدون ( و ) يقولون ( لاستحضار الحالة العجيبة من استمرارهم على عبادتها، أي عبدوا الأصنام ويعبدونها تعجيباً من تصميمهم على ضلالهم ومن قولهم :( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ( فاعترفوا بأن المتصرف هو الله.
وقُدم ذكر نفي الضر على نفي النفع لأن المطلوب من المشركين الإقلاع عن عبادة الأصنام وقد كان سدنتها يخوفون عبدَتها بأنها تُلحق بهم وبصبيانهم الضر، كما قالت امرأة طفيل بن عمرو الدوسي حين أخبرها أنه أسلم ودعاها إلى أن تُسلم فقالت :( أما تخشى على الصبية من ذي الشَّرى ). فأريد الابتداء بنفي الضر لإزالة أوهام المشركين في ذلك الصَّادَّة لكثير منهم عن نبذ عبادة الأصنام.


الصفحة التالية
Icon