" صفحة رقم ١٢٦ "
وقد أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يرد عليهم بتهكم بهم بأنهم قد أخبروا الله بأن لَهم شفعاء لهم عنده. ومعنى ذلك أن هذا لما كان شيئاً اخترعوه وهو غير واقع جعل اختراعه بمنزلة أنهم أعلموا الله به وكان لا يعلمه فصار ذلك كناية عن بطلانه لأن ما لم يعلم الله وقوعه فهو منتف. ومن هذا قول من يريد نفي شيء عن نفسه : ما علم الله هذا مني. وفي ضده قولهم في تأكيد وقوع الشيء : يعلم الله كذا، حتى صار عند العرب من صيغ اليمين.
و ) في السماوات ولا في الأرض ( حال من الضمير المحذوف بعد ) يعلم ( العائد على ( ما )، إذْ التقدير : بما لا يعلمه، أي كائناً في السماوات ولا في الأرض. والمقصود من ذكرهما تعميم الأمكنة، كما هو استعمال الجمع بين المتقابلات مثل المشرق والمغرب. وأعيد حرف النفي بعد العاطف لزيادة التنصيص على النفي.
والاستفهامُ في ) أتنبئون ( للإنكار والتوبيخ. والإنباء : الإعلام.
وجملة :( سبحانه وتعالى ( إنشاء تنزيه، فهي منقطعة عن التي قبلها فلذلك فصلت. وتقدم الكلام على نظيره عند قوله :( وخرّقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون في سورة الأنعام ( ١٠٠ ).
و ( ما ) في قوله : عما يشركون ( مصدرية، أي عن إشراكهم، أي تعالى عن أن يكون ذلك ثابتاً له.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف ) تشركون ( بالمثناة الفوقية على أنه من جملة المقول. وقرأه الباقون بالتحتية على أنها تعقيب للخطاب بجملة ) قُل ). وعلى الوجهين فهي مستحقة للفصل لكمال الانقطاع.
) ) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (