" صفحة رقم ١٣٣ "
والرحمة : هنا مطلقة على أثر الرحمة، وهو النعمة والنفع، كقوله : وينشر رحمته ( ( الشورى : ٢٨ ).
والضراء : الضر. والمس : مستعمل في الإصابة. والمعنى إذا نالت الناس نعمة بعد الضر، كالمطر بعد القحط، والأمن بعد الخوف، والصحة بعد المرض.
و ( إذا ) في قوله :( إذا لهم مكرٌ ( للمفاجأة، وهي رابطة لجواب ( إذا ) الشرطية لوقوعه جملة اسمية وهي لا تصلح للاتصال بإذا الشرطية التي تلازمها الأفعال إن وقعت ظرفاً ثم إن وقعت شرطاً فلا تصلح لأن تكون جواباً لها، فلذلك أدخل على جملة الجواب حرف ( إذا ) الفجائية، لأن حرف المفاجأة يدل على البِدار والإسراع بمضمون الجملة، فيُفيد مُفاد فاء التعقيب التي يؤتى بها الربط جواب الشرط بشرطه، فإذا جاء حرف المفاجأة أغنى عنها.
والمكرُ : حقيقته إخفاء الإضرار وإبرَازه في صورة المسألة، وقد تقدم عند قوله تعالى :( ومكروا ومكر الله في سورة آل عمران ( ٥٤ ).
و ( في ) من قوله : في آياتنا ( للظرفية المجازية المرادُ منها الملابسة، أي مكرهم المصاحب لآياتنا. ومعنى مكرهم في الآيات أنهم يمكرون مكراً يتعلق بها، وذلك أنهم يوهمون أن آيات القرآن غير دالة على صدق الرسول ويزعمون أنه لو أنزلت عليه آية أخرى لآمنوا بها وهم كاذبون في ذلك وإنما هم يكذبونه عناداً ومكابرة وحفاظاً على دينهم في الشرك.
ولما كان الكلام متضمناً التعريض بإنذارهم، أمر الرسول أن يعظهم بأن الله أسرع مكراً، أي منكم، فجعل مكر الله بهم أسرع من مكرهم بآيات الله.
ودل اسم التفضيل على أن مكر الكافرين سريع أيضاً، وذلك لما دل عليه حرف المفاجأة من المبادرة وهي إسراع. والمعنى أن الله أعجل مكراً بكم منكم بمكرمكم بآيات الله.
وأسرعُ : مأخوذ من أسرع المزيدِ على غير قياس، أو من سَرع المجرد بناء على وجوده في الكلام فيما حكاه الفارسي.