" صفحة رقم ١٥٦ "
ومعنى :( يملك السمع والأبصار ( يملك التصرف فيهما، وهو مِلك إيجاد تينك الحاستين وذلك استدلال وتذكير بأنفع صنع وأدقه.
وأفرد ) السمع ( لأنه مصدر فهو دال على الجنس الموجود في جميع حواس الناس.
وأما ) الأبصار ( فجيء به جمعاً لأنه اسم، فهو ليس نصاً في إفادة العموم لاحتمال توهم بصر مخصوص فكان الجمع أدل على قصد العموم وأنفى لاحتمال العهد ونحوه بخلاف قوله :( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ( ( الإسراء : ٣٦ ) لأن المراد الواحد لكل مخاطب بقوله :( ولا تقفُ ما ليس لك به علم ( ( الإسراء : ٣٦ ). وقد تقدم عند قوله تعالى :( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم في سورة الأنعام ( ٤٦ ).
وإخراجُ الحي من الميت : هو تولد أطفال الحيوان من النطف ومن البَيْض ؛ فالنطفة أو البيضة تكون لا حياة فيها ثم تتطور إلى الشكل القابل للحياة ثم تكون فيها الحياة. و ( مِن ) في قوله : مِن الميت ( للابتداء. وإخراج الميت من الحي إخراج النطفةِ والبيضضِ من الحيوان.
والتعريف في ) الحي ( و ) الميت ( في المرتين تعريف الجنس.
وقد نظم هذا الاستدلال على ذلك الصنع العجيب بأسلوب الأحاجي والألغاز وجعل بمحسن التضاد، كل ذلك لزيادة التعجيب منه. وقد تقدم الكلام على نظيره في قوله :( وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي في سورة آل عمران ( ٢٧ ). غير أن ما هنا ليس فيه رمز إلى شيء.
وقوله : ومن يدبر الأمر ( تقدم القول في نظيره في أوائل هذه السورة. وهو هنا تعميم بعد تخصيص ذكر ما فيه مزيد عبرة في أنفسهم كالعِبرة في قوله :( وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون ( ( الذاريات : ٢١، ٢٢ ).
والفاء في قوله :( فسيقولون الله ( فاء السببية التي من شأنها أن تقترن بجواب الشرط إذا كان غير صالح لمباشرة أداة الشرط، وذلك أنه قصد تسبب قولهم :( اللّهُ ( على السؤال


الصفحة التالية
Icon