" صفحة رقم ١٧٣ "
الخوارق، كقولهم :( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً ( ( الإسراء : ٩٠ ) الآية. ولو أسلموا ولازموا النبي عليه الصلاة والسلام لعلموا أن الله لا يعبأ باقتراح الضُلال.
وعلى الوجهين فحرف ) لمّا ( موضوع لنفي الفعل في الماضي والدلالة على استمرار النفي إلى وقت التكلم، وذلك يقتضي أن المنفي بها متوقَّع الوقوع، ففي النفي بها هنا دلالة على أنه سيجيء بيان ما أجمل من المعاني فيما بعد، فهي بذلك وعد، وأنه سيحِل بهم ما توعدهم به، كقوله :( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ( ( الأعراف : ٥٣ ) الآية. فهي بهذا التفسير وعيد.
وجملة :( كذلك كذّب الذين من قبلهم ( استئناف. والخطاب للنبيء ( ﷺ ) أو لمن يتأتى منه السماع. والإشارة ب ) كذلك ( إلى تكذيبهم المذكور، أي كان تكذيب الذين مِن قبلهم كتكذيبهم، والمراد بالذين من قبلهم الأممُ المكذبون رسلهم كما دل عليه المشبه به.
ومما يقصد من هذا التشبيه أمور :
أحدها : أن هذه عادة المعاندين الكافرين ليعلم المشركون أنهم مماثلون للأمم التي كذبت الرسل فيعتبروا بذلك.
الثاني : التعريض بالنذارة لهم بحلول العذاب بهم كما حل بأولئك الأمم التي عرف السامعون مصيرها وشاهدوا ديارها.
الثالث : تسلية النبي ( ﷺ ) بأنه ما لقي من قومه إلا مثل ما لقي الرسل السابقون من أقوامهم.
ولذلك فرع على جملة التشبيه خطابُ النبي ( ﷺ ) بقوله :( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ( أي عاقبة الأمم التي ظلمت بتكذيب الرسل كما كذب هؤلاء.


الصفحة التالية
Icon