" صفحة رقم ٢٦١ "
وتأكيد الخبر ب ( إن ) للاهتمام بتحقيق بطش فرعون.
والعلو : مستعار للغلبة والاستبداد، كقوله تعالى :( إن فرعون علا في الأرض ( وقوله :( أن لا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين ( ( النمل : ٣١ ).
والإسراف : تجاوز حد الاعتدال المعروف في فعل، فهو تجاوز مذموم، وأشهر موارده في الإنفاق، ولم يذكر متعلَّق الإفراط فتعيَّن أن يكون إسرافاً فيما عُرف به ملوك زمانهم من الصفات المكروهة عند الناس الملازمة للملوك في العادة.
وقوله :( من المسرفين ( أبلغ في وصفه بالإسراف من أن يقال : وإنه لَمُسرف لما تقدم عند قوله تعالى :( قد ضللتُ إذن وما أنا من المهتدين في الأنعام ( ٥٦ ).
٨٤ ٨٦ ) وَقَالَ مُوسَى ياقَوْمِ إِن كُنتُمْ ءامَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُو اْ إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ فَقَالُواْ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (
عطف بقية القصة على أولها فهو عطف على جملة ) وقال فرعون ( ( يونس : ٧٩ )، وهذا خطاب موسى لجميع قومه وهم بنو إسرائيل الذين بمصر، وهو يدل على أنه خاطبهم بذلك بعد أن دعاهم وآمنوا به كما يؤذن به قوله :( إن كنتم آمنتم بالله ). والغرض منه تثبيت الذين آمنوا به في حضرة فرعون على توكلهم، وأمْرُ مَن عداهم الذين خاف ذريتُهم أن يؤنبوهم على إظهار الإيمان بأن لا يُجبِّنوا أبناءهم، وأن لا يخشوا فرعون، ولذلك قال :( إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ).
والمعنى : إن كنتم آمنتم بالله حقاً كما أظهرتْه أقوالكم فعليه اعتمدوا في نصركم ودفع الضر عنكم ولا تعتمدوا في ذلك على أنفسكم بمصانعة فرعون ولا على فرعون بإظهار الولاء له.