" صفحة رقم ٨٦ "
) قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَاذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ (
هذه الجملة بدل اشتمال من جملة :( أكان للناس عجباً ( الخ. ووجه هذا الإبدال أن قولهم هذا ينبىء عن بلوغ التعجب من دعوى الوحي والرسالة من نفوسهم مزيد الإحالة والتكذيب حتى صاروا إلى القول :( إن هذا لسحر مبين ( ( يونس : ٧٦ ) أو ) إن هذا لساحِر مبين ( فاسم الإشارة راجع إلى ما تضمنته جملة ) أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا ).
وقرأه الجمهور ( لسِحْر ) بكسر السين وسكون الحاء على أن المراد به الحاصل بالمصدر، أي أن هذا الكلام كلام السحرِ، أي أنه كلام يُسحر به. فقد كان من طرق السحر في أوهامهم أن يقول الساحر كلاماً غير مفهوم للناس يوهمهم أن فيه خصائص وأسماء غير معروفة لغير السحرة، فالإشارة إلى الوحي.
وقرأه ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي ) لسَاحر ( فالإشارة إلى رجل من قوله :( إلى رجل منهم ( وهو النبي ( ﷺ ) وإن وصفهم إياه بالسحر ينبىء بأنهم كذبوا بكونه من عند الله ولم يستطيعوا أن يدعوه هذياناً وباطلاً فهرعوا إلى ادعائه سِحراً، وقد كان من عقائدهم الضالة أن من طرائق السحر أن يقول الساحر أقوالاً تستنزل عقول المسحورين. وهذا من عجزهم من الطعن في القرآن بمطاعن في لفظه ومعانيه.
والسحر : تخييل ما ليس بكائن كائناً. وقد تقدم عند قوله تعالى :( يعلمون الناس السحر في سورة البقرة ( ١٠٢ ).
والمبين : اسم فاعل من أبان الذي هو بمعنى بان، أي ظهر، أي سحر واضح ظاهر. وهذا الوصف تلفيق منهم وبهتان لأنه ليس بواضح في ذلك بل هو الحق المبين.
٣ ) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ