" صفحة رقم ٢١٥ "
المناسب لكماله الذي يبعثه على طاعة أمْر أبيه. ووقع في الإسرائيليات أنه قصّها عليهم فحسدوه.
٦ ) ) وَكَذالِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الاَْحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى ءالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
عطف هذا الكلام على تحذيره من قصّ الرؤيا على إخوته إعلاماً له بعلوّ قدره ومستقبل كماله، كي يزيد تملياً من سموّ الأخلاق فيتسع صدره لاحتمال أذى إخوته، وصفحاً عن غيرتهم منه وحسدهم إيّاه ليتمحّض تحذيره للصلاح، وتنتفي عنه مفسدة إثارة البغضاء ونحوها، حكمة نبويّة عظيمة وطبّاً روحانيّاً ناجعاً.
والإشارة في قوله :( وكذلك ( إلى ما دلّت عليه الرؤيا من العِناية الربّانيّة به، أي ومثل ذلك الاجتباء يجتبيك ربّك في المستقبل، والتّشبيه هنا تشبيه تعليل لأنّه تشبيه أحد المعلولين بالآخر لاتّحاد العلّة. وموقع الجار والمجرور موقع المفعول المطلق ل ) يجتبيك ( المبيّن لنوع الاجتباء ووجهه.
والاجتباء : الاختيار والاصطفاء. وتقدّم في قوله تعالى :( واجتبيناهم ( في سورة الأنعام ( ٨٧ )، أي اختياره من بين إخوته، أو من بين كثير من خلقه. وقد علم يعقوب عليه السّلام ذلك بتعبير الرؤيا ودلالتها على رفعة شأنه في المستقبل فتلك إذا ضُمّت إلى ما هو عليه من الفضائل آلت إلى اجتباء الله إياه، وذلك يؤذن بنبوءته. وإنّما علم يعقوب عليه السّلام أنّ رفعة يوسف عليه السّلام في مستقبله رفعة إلهية لأنّه عَلِمَ أن نعم الله تعالى متناسبة فلمّا كان ما ابتدأه به من النعم اجتباءً وكمالاً نفسيّاً تعيّن أن يكون ما يلحق بها، من نوعها.


الصفحة التالية
Icon