" صفحة رقم ٢٤٢ "
واسم الإشارة عائد إلى ذات يوسف عليه السّلام ؛ خاطب الواردُ بقية السيّارة، ولم يكونوا يرون ذات يوسف عليه السّلام حين أصعده الوارد من الجب، إذ لو كانوا يرونه لما كانت فائدة لتعريفهم بأنه غلام إذ المشاهدة كافية عن الإعلام، فتعين أيضاً أنهم لم يكونوا مشاهدين شبح يوسف عليه السّلام حين ظهر من الجب، فالظاهر أن اسم الإشارة في مثل هذا المقام لا يقصد به الدلالة على ذات معيّنة مرئية بل يقصد به إشعار السامع بأنه قد حصَل شيءٌ فرح به غير مترقب، كما يقول الصائد لرفاقه : هذا غزال وكما يقول الغائص : هذه صدقة أو لؤلؤة ويقول الحافر للبئر : هذا الماء قال النابغة يصف الصائد وكلابه وفرسه :
يقول راكبه الجنيّ مرتفقاً
هذا لكُنّ ولحم الشاة محجور
وكان الغائصون إذا وجدوا لؤلؤة يصيحون. قال النابغة :
أو درّة صدفاته غوّاصها
بهج متى يُرها يهلّ ويسجد
والمعنى : وجدت في البئر غلاماً، فهو لقطة، فيكون عبداً لمن التقطه. وذلك سبب ابتهاجه بقوله :( يا بشراي هذا غلام ).
والغلام : مَن سنهُ بين العشر والعشرين. وكان سنّ يوسف عليه السّلام يومئذٍ سبع عشرة سنة.
وكان هؤلاء السيارة من الإسماعيليين كما في التّوراة، أي أبناء إسماعيل بن إبراهيم. وقيل : كانوا من أهل مدين وكان مجيئهم الجب للاستقاء منها، ولم يشعر بهم إخوة يوسف إذ كانوا قد ابتعدوا عن الجب.
ومعنى ) أسَرُّوه ( أخْفَوْه. والضمير للسيارة لا محالة، أي أخْفوا يوسف عليه السّلام، أي خبر التقاطه خشية أن يكون من ولدان بعض الأحياء القريبة من الماء قد تردّى في الجب، فإذا علم أهله بخبره طلبوه وانتزعوه


الصفحة التالية
Icon