" صفحة رقم ٢٧١ "
وحقيقة الرزق : مَا به النفع، ويطلق على الطعام كقوله :( وجَد عندها رزقا ( سورة آل عمران : ٣٧ ) أي طعاماً، وقوله في سورة الأعراف ( ٥٠ ) أو ممّا رزقكم الله (، وقوله :( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ( سورة مريم : ٦٢ ). ويطلق على الإنفاق المتعارف كقوله : وارزقوهم فيها واكسوهم ( سورة النساء : ٥ ). ومن هنا يطلق على العطاء الموقت، يقال : كان بنو فلان من مرتزقة الجند، ورزق الجند كذا كل يوم.
وضمير بتأويله ( عائد إلى ما عاد إليه ضمير ) بتأويله ( سورة يوسف : ٣٦ ) الأول، وهو المرئي أو المنام. ولا ينبغي أن يعود إلى طعام إذ لا يحسن إطلاق التأويل عن الأنباء بأسماء أصناف الطعام خلافاً لما سلكه جمهور المفسرين.
والاستثناء في قوله : إلاّ نَبّأتكما بتأويله ( استثناء من أحوال متعددة تناسب الغرض، وهي حال الإنباء بتأويل الرؤيا وحال عدمه، أي لا يأتي الطعام المعتاد إلا في حال أني قد نبأتكما بتأويل رؤياكما، أي لا في حال عدمه. فالقصر المستفاد من الاستثناء إضافي.
وجردت جملة الحال من الواو ( وقَد ) مع أنها مَاضية اكتفاء بربط الاستثناء كقوله تعالى :( ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ( سورة التوبة : ١٢١ ).
وجملة ذلكما مما علمني ربي ( استئناف بياني، لأنّ وعده بتأويل الرؤيا في وقت قريب يثير عجب السائلين عن قوة علمه وعن الطريقة التي حصل بها هذا العلم، فيجيب بأن ذلك مما علمه الله تخلصاً إلى دعوتهما للإيمان بإلهٍ واحد. وكان القبط مشركين يدينون بتعدد الآلهة.
وقوله :( ممّا علمني ربي ( إيذان بأنّه علّمه علوماً أخرى، وهي علوم الشريعة والحكمة والاقتصاد والأمانة كما قال :( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( سورة يوسف : ٥٥ ).
وزاد في الاستيناف البياني جملة إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ( لأن الإخبار بأن الله علّمه التّأويل وعلوماً أخرى مما يثير السؤال عن وسيلة


الصفحة التالية
Icon