" صفحة رقم ٢٩٢ "
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة ) أنا راودته ( للقصر، لإبطال أن يكون النسوة راودنه. فهذا إقرار منها على نفسها، وشهادة لغيرها بالبراءة، وزادت فأكدت صدقه ب ( إن ) واللام.
وصيغة ) من الصادقين ( كما تقدم في نظائرها، منها قوله تعالى :( قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين ( في سورة الأنعام ( ٥٦ ).
٥٢ ) ) ذاَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ ).
ظاهر نظم الكلام أن الجملة من قول امرأة العزيز، وعلى ذلك حمله الأقل من المفسرين، وعزاه ابن عطية إلى فرقة من أهل التأويل، ونُسب إلى الجبائي، واختاره الماوردي، وهو في موقع العلة لما تضمنته جملة ) أنا راودته عن نفسه ( سورة يوسف : ٥١ ) وما عطف عليها من إقرار ببراءة يوسف عليه السّلام بما كانت رمتْه به. فالإشارة بذلك إلى الإقرار المستفاد من جملة أنا راودته ( أي ذلك الإقرار ليعلم يوسف عليه السّلام أني لم أخنه.
واللام في ) ليعلم ( لام كي، والفعل بعدها منصوب ب ( أنْ ) مضمرة، فهو في تأويل المصدر، وهو خبر عن اسم الإشارة.
والباء في ) بالغيب ( للملابسة أو الظرفية، أي في غيبته، أي لم أرمه بما يقدح فيه في مغيبه. ومحل المجرور في محل الحال من الضمير المنصوب.
والخيانة : هي تهمتهُ بمحاولة السوء معها كذباً، لأن الكذب ضد أمانة القول بالحق.
والتعريف في ) الغيب ( تعريف الجنس. تمدحت بعدم الخيانة على أبلغ وجه إذ نَفت الخيانة في المغيب وهو حَائلٌ بينه وبين دفاعه عن نفسه، وحالة


الصفحة التالية
Icon