" صفحة رقم ١٠٥ "
وهذا اعتراض بين تعداد المواعظ لمناسبة التعريض بالمشركين، أي أن التنزيه الذي دلت عليه آيات الجو يقوم به الملائكة، فالله غني عن تنزيهكم إياه، كقوله :( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ( سورة الزمر : ٧ )، وقوله : وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد ( سورة إبراهيم : ٨ ).
واقتصر في العبرة بالصواعق على الإنذار بها لأنها لا نعمة فيها لأن النعمة حاصلة بالسحاب وأما الرعد فآلة من آلات التخويف والإنذار. كما قال في آية سورة البقرة أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت ( سورة البقرة : ١٩ ). وكان العرب يخافون الصواعق. ولقبوا خويلد بن نفيل الصَعِق لأنه أصابته صاعقة أحرقته.
ومن هذا القبيل قول النبي : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوّف الله بهما عباده، أي بكسوفهما فاقتصر في آيتهما على الإنذار إذ لا يترقب الناس من كسوفهما نفعاً.
وجملة وهم يجادلون في الله ( في موضع الحال لأنه من متممات التعجب الذي في قوله :( وإن تعجب فعجب قولهم ( الرعد : ٥ ) الخ. فضمائر الغيبة كلها عائدة إلى الكفار الذين تقدم ذكرهم في صدر السورة بقوله : ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ( الرعد : ١ ) وقوله : أولئك الذين كفروا بربهم ( الرعد : ٥ ) وقوله : ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ( الرعد : ٧ ). وقد أعيد الأسلوب هنا إلى ضمائر الغيبة لانقضاء الكلام على ما يصلح لموعظة المؤمنين والكافرين فتمحض تخويف الكافرين.
والمجادلة : المخاصمة والمراجعة بالقول. وتقدم في قوله تعالى : ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم في سورة النساء ( ١٠٧ ).
وقد فهم أن مفعول يجادلون ( هو النبي ( ﷺ ) والمسلمون. فالتقدير : يجادلونك أو يجادلونكم، كقوله :( يجادلونك في الحق بعد ما تبين في سورة الأنفال ( ٦ ).