" صفحة رقم ١٠٦ "
والمجادلة إنما تكون في الشؤون والأحوال، فتعليق اسم الجلالة المجرور بفعل يجادلون ( يتعين أن يكون على تقدير مضاف تدل عليه القرينة، أي في توحيد الله أو في قدرته على البعث.
ومن جدلهم ما حكاه قوله :( أو لم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. في سورة يس ( ٧٧، ٧٨ ).
والمِحال : بكسر الميم يحتمل هنا معنيين، لأنه إن كانت الميم فيه أصلية فهو فِعال بمعنى الكيد وفعله مَحَل، ومنه قولهم تمحل إذا تحيل. جعل جدالهم في الله جدال كيد لأنهم يبرزونه في صورة الاستفهام في نحو قولهم : من يُحيي العظام وهي رميم ( فقوبل ب ) شديد المحال ( على طريقة المشاكلة، أي وهو شديد المحال لا يغلبونه، ونظيره ) ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ( سورة آل عمران : ٥٤ ).
وقال نفطويه : هو من ماحل عن أمره، أي جَادل. والمعنى : وهو شديد المجادلة، أي قوي الحجة.
وإن كانت الميم زائدة فهو مفعل من الحول بمعنى القوة، وعلى هذا فإبدال الواو ألفاً على غير قياس لأنه لا موجب للقلب لأن ما قبل الواو ساكن سكوناً حياً. فلعلهم قلبوها ألفاً للتفرقة بينه وبين مِحول بمعنى صبي ذي حول، أي سنة.