" صفحة رقم ١١٨ "
وزرعوا، وأصاب منها طائفةً أخرى إنما هي قيعَان لا تمسك ماء ولا نتنبت كلأ، مثلَ منْ فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعَلِم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هُدى الله الذي أرسلتُ به ).
والأودية : جمع الوادي، وهو الحفير المتسع الممتد من الأرض الذي يجري فيه السيل. وتقدم في سورة براءة عند قوله تعالى :( ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ( سورة التوبة : ١٢١ ).
والقَدَر بفتحتين : التقدير، فقوله : بقدرها ( في موضع الحال من ) أودية (، وذكره لأنه من مواضع العبرة، وهو أن كانت أخاديد الأودية على قَدْر ما تحتمله من السيول بحيث لا تفيض عليها وهو غالب أحوال الأودية. وهذا الحال مقصود في التمثيل لأنه حال انصراف الماء لنفععٍ لا ضرّ معه، لأنّ من السيول جواحف تجرف الزرع والبيوت والأنعام.
وأيضاً هو دال على تفاوت الأودية في مقادير المياه. ولذلك حظ من التشبيه وهو اختلاف الناس في قابلية الانتفاع بما نزل من عند الله كاختلاف الأودية في قبول الماء على حسب ما يسيل إليها من مصاب السيول، وقد تم التمثيل هنا.
وجملة ) ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زيد مثله ( معترضة بين جملة ) فاحتمل ( الخ وجملة ) فأما الزبد ( الخ.
وهذا تمثيل آخر ورد استطراداً عقب ذكر نظيره يفيد تقريب التمثيل لقوم لم يشاهدوا سيول الأودية من سكان القرى مثل أهل مكّة وهم المقصود، فقد كان لهم في مكة صواغون كما دل عليه حديث الإذخر، فقرب إليهم تمثيل عدم انتفاعهم بما انتفع به غيرهم بمَثَل ما يصهْر من الذهب والفضة في البواتق فإنه يقذف زبداً ينتفي عنه وهو الخَبث وهو غير صالح لشيء في حين صلاح معدنه لاتخاذه حلية أو متاعاً. وفي الحديث ( كما ينفي الكير