" صفحة رقم ١١٩ "
خبث الحديد ). فالكلام من قبيل تعدّد التشبيه القريب، كقوله تعالى :( مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ثم قوله : أو كصيب من السماء ( سورة البقرة : ١٩ ).
وأقرب إلى ما هنا قولُ لبيد :
فتنازعَا سَبطا يَطير ظِلالُه
كدُخان مُشْعَلَة يَشِبّ ضرامها
مشمُولَةٍ غُلثت بنابتتِ عَرفَج
كدُخان نار سَاطع إسنامها
وأفاد ذلك في هذه الآية قوله : زبد مثله ).
وتقديم المسند على المسند إليه في هذه الجملة للاهتمام بالمسند لأنّه موضع اعتبار أيضاً ببديع صنع الله تعالى إذ جعل الزبد يطفو على أرقّ الأجسام وهو الماء وعلى أغلظها وهو المعدن فهو ناموس من نواميس الخلقة، فبالتقديم يقع تشويق السامع إلى ترقب المسند إليه.
وهذا الاهتمام بالتشبيه يشبه الاهتمام بالاستفهام في قول النبي ( ﷺ ) في وصف جهنم ( فإذا فيها كلاليبُ مثل حَسك السعدان هل رأيتم حسك السعدان ).
وعدل عن تسمية الذهب والفضة إلى الموصولية بقوله تعالى :( ومما توقدون عليه في النار ( لأنها أخصر وأجمع، ولأن الغرض في ذكر الجملة المجعولة صلة، فلو ذكرت بكيفية غير صلة كالوصفية مثلاً لكانت بمنزلة الفضلة في الكلام ولطال الكلام بذكر اسم المَعْدنين مع ذكر الصلة إذ لا مَحيد عن ذكر الوقود لأنه سبب الزبد، فكان الإتيان بالموصول قضاءً لحق ذكر الجملة مع الاختصار البديع.
ولأنّ في العدول عن ذكر اسم الذهب والفضة إعراضاً يؤذن بقلة الاكتراث بهما ترفعاً عن وَلع النّاس بهما فإن اسميهما قد اقترنا بالتعظيم في عرف النّاس.
و ) من ( في قوله :( ومما توقدون ( ابتدائية.