" صفحة رقم ١٢٠ "
و ) ابتغاء حلية أو متاع ( مفعول لأجله متعلق ب ) توقدون ). ذكر لإيضاح المراد من الصلة ولإدماج ما فيه من منة تسخير ذلك للناس. لشدة رغبتهم فيهما.
والحلية : ما يتحلى به، أي يتزين وهو المصوغ.
والمتاع : ما يتمتع به وينتفع، وذلك المسكوك الذي يَتعامل به الناس من الذهب والفضة.
وقرأ الجمهور ) توقدون ( بفوقية في أوله على الخطاب، وقرأه حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف بتحتية على الغيبة.
وجملة ) كذلك يضرب الله الحق والباطل ( معترضة، هي فذلكة التمثيل ببيان الغرض منه، أي مثل هذه الحالة يكون ضَرْب مثل للحق والباطل. فمعنى ) يضرب ( يبيّن ويُمثل. وقد تقدم معنى يضرب عند قوله تعالى :( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً في سورة البقرة ( ٢٦ ).
فحُذف مضاف في قوله : يضرب الله الحق (، والتقدير : يضرب الله مَثَلَ الحق والباطل، دلالة فعل ) يضرب ( على تقدير هذا المضاف.
وحذف الجار من ) الحق ( لتنزيل المضاف إليه منزلة المضاف المحذوف.
وقد علم أن الزبد مثَل للباطل وأن الماء مثَل للحق، فارتقى عند ذلك إلى ما في المثلين من صفتي البقاء والزوال ليتوصل بذلك إلى البشارة والنذارة لأهل الحق وأهل الباطل بأن الفريق الأول هو الباقي الدائم، وأن الفريق الثاني زائل بائد، كقوله :( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عباديَ الصالحون إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين ( الأنبياء : ١٠٥، ١٠٦ )، فصار التشبيه تعريضاً وكناية عن البشارة والنذارة، كما دل عليه قوله عقب ذلك للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له ( الرعد : ١٨ ) الخ كما سيأتي قريباً.
فجملة فأما الزبد ( معطوفة على جملة ) فاحتمل السيل زبداً رابيا ( مفرّعةٌ على التمثيل. وافتتحت ب ) أما ( للتوكيد وصَرْف ذهن السامع إلى الكلام