" صفحة رقم ١٢٩ "
الأعمال، لأن بذل المال يشق على النفوس فكان له من الأهمية ما جعله ثانياً للصلاة.
ثم أعيد أسلوب التعبير بالمضارع في المعطوف على الصلة وهو قوله : ويدرءون بالحسنة السيئة ( لاقتضاء المقام إفادة التجدد إيماء إلى أن تجدد هذا الدرء ما يُحرص عليه لأن الناس عرضة للسيئات على تفاوت، فوُصف لهم دواء ذلك بأن يدعوا السيّئات بالحسنات.
والقول في عطف ) والذين صبروا ( وفي إعادة اسم الموصول كالقول في ) والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ).
والصبر : من المحامد. وتقدم في قوله تعالى :( واستعينوا بالصبر في سورة البقرة ( ٤٥ ). والمراد الصبر على مشاق أفعال الخير ونصر الدين.
وابتغاء وجه ربهم ( مفعول لأجله ل ) صبروا ). والابتغاء : الطلب. ومعنى ابتغاء وجه الله ابتغاء رضاه كأنه فعل فعلاً يطلبُ به إقباله عند لقائه، وتقدم في قوله تعالى :( وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله في آخر سورة البقرة ( ٢٧٢ ).
والمعنى أنهم صبروا لأجل أن الصبر مأمور به من الله لا لغرض آخر كالرياء ليقال ما أصبره على الشدائد ولاتّقاء شماتة الأعداء.
والسر والعلانية تقدم وجه ذكرهما في قوله تعالى : الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية أواخر سورة البقرة ( ٢٧٤ ).
والدرء : الدفع والطرد. وهو هنا مستعار لإزالة أثر الشيء فيكون بعد حصول المدفُوع وقبلَ حصوله بأن يُعِدّ ما يمنع حصوله، فيصدق ذلك بأن يُتبع السيّئة إذا صدرت منه بفعل الحسنات فإن ذلك كطرد السيئة. قال النبي : يا معاذ اتّق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمْحُها. وخاصة فيما بينه وبين ربه.