" صفحة رقم ١٥٩ "
وتقديم المجرور في الموضعين للاختصاص، أي إليه لا إلى غيره أدعُو، أي بهذا القرآن، وإليه لا إلى غيره مئابي، فإن المشركين يرجعون في مهمّهم إلى الأصنام يستنصرونها ويستغيثونها، وليس في قوله هذا ما ينكره أهل الكتاب إذ هو مما كانوا فيه سواء مع الإسلام. على أن قوله :( وإليه مآب ( يعم الرجوع في الآخرة وهو البعث. وهذا من وجوه الوفاق في أصل الدين بين الإسلام واليهودية والنصرانية.
وحذف ياء المتكلم من ) مآبي ( كحذفها في قوله :( عليه توكلت وإليه متاب ( الرعد : ٣٠ )، وقد مضى قريباً.
٣٧ ) ) وَكَذالِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ وَاقٍ ).
اعتراض وعطف على جملة ) والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ( الرعد : ٣٦ ) لما ذكر حال تلقي أهل الكتابين للقرآن عند نزوله عُرج على حال العرب في ذلك بطريقة التعريض بسوء تلقي مشركيه له مع أنهم أولَى الناس بحسن تلقيه إذ نزل بلسانهم مشتملاً على ما فيه صلاحهم وتنوير عقولهم. وقد جُعل أهم هذا الغرض التنويهَ بعلوّ شأن القرآن لفظاً معنى. وأدمج في ذلك تعريض بالمشركين من العرب.
والقول في اسم الإشارة في قوله : وكذلك ( مثل ما تقدم في قوله :( كذلك أرسلناك في أمة ( سورة الرعد : ٣٠ ).
وضمير الغائب في أنزلناه ( عائد إلى ) ما أنزل إليك ( في قوله :( يفرحون بما أنزل إليك ).


الصفحة التالية
Icon