" صفحة رقم ١٩٩ "
العجيبة المنظمة عن غير فاعللٍ مختار، وذلك معلوم بأدنى تأمل، وذلك تأييد لإنكار وقوع الشك في انفراده بالإلهية لأن انفراده بالخلق يقتضي انفراده باستحقاقه عبادة مخلوقاته.
وجملة ) يدعوكم ( حال من اسم الجلالة، أي يدعوكم أن تنبذوا الكفر ليغفر لكم ما أسلفتم من الشرك ويدفع عنكم عذاب الاستئصال فيؤخّركم في الحياة إلى أجل معتاد.
والدعاء : حقيقته النداء. فأطلق على الأمر والإرشاد مجازاً لأن الآمر ينادي المأمور.
ويعدى فعل الدعاء إلى الشيء المدعو إليه بحرف الانتهاء غالباً وهو ) إلى (، نحو قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون ) ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ( سورة غافر : ٤١ ).
وقد يعدّى بلام التعليل داخلةً على ما جُعل سبباً للدعوة فإن العلة تدل على المعلول، كقوله تعالى : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم ( سورة نوح : ٧ )، أي دعوتهم إلى سبب المغفرة لتغفر، أي دعوتهم إلى الإيمان لتغفر لهم، وهو في هذه الآية كذلك، أي يدعوكم إلى التوحيد ليغفر لكم من ذنوبكم.
وقد يعدى فعل الدعوة إلى المدعو إليه باللام تنزيلاً للشيء الذي يُدعى إلى الوصول إليه منزلة الشيء الذي لأجله يدعى، كقول أعرابي من بني أسد :
دعَوْتُ لِمَا نَابني مِسْورَا
فلبّى فلبيْ يديْ مسور


الصفحة التالية
Icon