" صفحة رقم ٢٠٤ "
أمرهم إلى الله، لأنهم رأوا بوارق عنايته بهم إذ هداهم إلى طرائق النجاة والخير، ومبادىء الأمور تدل على غاياتها.
وأضافوا السبل إلى ضميرهم للاختصار لأن أمور دينهم صارت معروفة لدى الجميع فجمعها قولهم :( سبلنا ).
) وما لنا ألا نتوكل ( استفهام إنكاري لانتفاء توكلهم على الله، أتوا به في صورة الإنكار بناءً على ما هو معروف من استحماق الكفار إيّاهم في توكلهم على الله، فجاءوا بإنكار نفي التوكل على الله، ومعنى ) وما لنا ألا نتوكل ( ما ثبت لنا من عدم التوكل، فاللام للاستحقاق.
وزادوا قومهم تأييساً من التأثر بالأذى فأقسموا على أن صبرهم على أذى قومهم سيستمر، فصيغة الاستقبال المستفادة من المضارع المؤكد بنون التوكيد في ) ولنصبرن ( دلت على أذى مستقبل. ودلّت صيغة المضي المنتزع منها المصدر في قوله :( ما آذيتمونا ( على أذى مضى. فحصل من ذلك معنى نصبر على أذى متوقع كما صبرنا على أذى مضى. وهذا إيجاز بديع.
وجملة ) وعلى الله فليتوكل المتوكلون ( يحتمل أن تكون من بقية كلام الرسل فتكون تذييلاً وتأكيداً لجملة ) وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( فكانت تذييلاً لما فيها من العموم الزائد في قوله :( المتوكلون ( على عموم ) فليتوكل المؤمنون ). وكانت تأكيداً لأن المؤمنين من جملة المتوكلين. والمعنى : من كان متوكلاً في أمره على غيره فليتوكل على الله.
ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى، فهي تذييل للقصة وتنويه بشأن المتوكلين على الله، أي لا ينبني التوكل إلا عليه.