" صفحة رقم ٢١٠ "
عنيد ( إظهار في مقام الإضمار عدل عن أن يقال : وخابوا، إلى قوله :( كل جبار عنيد ( لمثل الوجه الذي ذكر آنفاً.
والاستفتاح : طلب الفتح وهو النصر، قال تعالى :( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ( سورة الأنفال : ١٩ ).
والجبار : المتعاظم الشديد التكبر.
والعنيد المعاند للحق. وتقدماً في قوله : واتبعوا أمر كل جبار عنيد في سورة هود ( ٥٩ ). والمراد بهم المشركون المتعاظمون، فوصف جبار ( خلُق نفساني، ووصف ) عنيد ( من أثر وصف ) جبار ( لأن العنيد المكابر المعارض للحجة.
وبين ) خاف وعيد ( و ) خاب كل جبار عنيد ( جناس مصحف.
وقوله :( من ورائه جهنم ( صفة ل ) جبار عنيد (، أي خاب الجبّار العنيد في الدنيا وليس ذلك حظه من العقاب بل وراءه عقاب الآخرة.
والوراء : مستعمل في معنى ما ينتظره ويحل به من بعد، فاستعير لذلك بجامع الغفلة عن الحصول كالشيء الذي يكون من وراء المرء لا يشعر به لأنه لا يراه، كقوله تعالى :( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً ( سورة الكهف : ٧٩ )، أي وهم غافلون عنه ولو ظفر بهم لافتك سفينتهم، وقول هدبة بن خشرم :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
يكون وراءَه فَرج قريب
وأما إطلاق الوراء على معنى من بَعْد ( فاستعمال آخر قريب من هذا وليس عينه.
والمعنى : أن جهنم تنتظره، أي فهو صائر إليها بعد موته.