" صفحة رقم ٢٢٧ "
ومن مظاهر هذا التثبيت فيهما ما ورد من وصف فتنة سؤال القبر. روى البخاري والترمذي عن البَرَاء بن عازب أن رسول الله قال : المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فذلك قوله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ).
وجملة ) ويفعل الله ما يشاء ( كالتذليل لما قبلها. وتحت إبهام ) ما يشاء ( وعمومه مطاوٍ كثيرة من ارتباط ذلك بمراتب النفوس، وصفاء النيات في تطلب الإرشاد، وتربية ذلك في النفوس بنمائه في الخير والشر حتى تبلغ بذور تيْنك الشجرتين منتهى أمدهما من ارتفاع في السماء واجتثاث من فوق الأرض المعبر عنها بالتثبيت والإضلال. وفي كل تلك الأحوال مراتب ودرجات لا تبلغ عقول البشر تفصيلها.
وإظهار اسم الجلالة في ) ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ( لِقصد أن تكون كل جملة من الجمل الثلاث مستقلة بدلالتها حتى تسير مسير المثَل.
، ٢٩ ) ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ).
أعقب تمثيل الدينين ببيان آثارهما في أصحابهما. وابتُدىء بذكر أحوال المشركين لأنها أعجب والعبرة بها أولى والحذر منها مقدّم على التحلي بضدها، ثم أعقب بذكر أحوال المؤمنين بقوله :( قل لعبادي الذين آمنوا ( الخ.
والاستفهام مستعمل في التشويق إلى رؤية ذلك.
والرؤية هنا بصرية لأن متعلقها مما يرى، ولأن تعدية فعلها ب ) إلى ( يرجح ذلك، كما في قوله :( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ( سورة البقرة : ٢٥٨ ).


الصفحة التالية
Icon