" صفحة رقم ٢٤٥ "
قبل نبوءته. وهذا الدعاء لأبويه قبل أن يتبين له أن أباه عدوّ لله كما في آية سورة براءة.
ومعنى يقوم الحساب ( : يثبت. استعير القيام للثبوت تبعاً لتشبيه الحساب بإنسان قائم، لأن حالة القيام أقوى أحوال الإنسان إذ هو انتصاب للعمل. ومنه قولهم : قامت الحرب على ساق، إذا قويت واشتدت. وقولهم : ترجلت الشمس، إذا قوي ضوءها، وتقدم عند قوله تعالى :( ويقيمون الصلاة في أول سورة البقرة ( ٤ ).
٤٢، ٤٣ ) وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ).
عطف على الجمل السابقة، وله اتصال بجملة ) قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ( سورة إبراهيم : ٣٠ ) الذي هو وعيد للمشركين وإنذار لهم بأن لا يغتروا بسلامتهم وأمنهم تنبيهاً لهم على أن ذلك متاع قليل زائل، فأكد ذلك الوعيد بهذه الآية، مع إدماج تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام على ما يتطاولون به من النعمة والدعة، كما دل عليه التفريع في قوله فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ( سورة إبراهيم : ٤٧ ). وفي معنى الآية قوله : وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ( سورة المزمل : ١١ ).
وباعتبار ما فيه من زيادة معنى التسلية وما انضم إليه من وصف فظاعة حال المشركين يوم الحشر حسن اقتران هذه الجملة بالعاطف ولم تفصل.
وصيغة لا تحسبن ( ظاهرها نهي عن حسبان ذلك. وهذا النهي كناية عن إثبات و تحقيق ضد المنهي عنه في المقام الذي من شأنه أن يثير للناس ظَنّ وقوع المنهي عنه لقوة الأسباب المثيرة لذلك. وذلك أن إمهالهم وتأخير


الصفحة التالية
Icon