" صفحة رقم ٢٤٦ "
عقوبتهم يشبه حالة الغافل عن أعمالهم، أي تحقق أن الله ليس بغافل، وهو كناية ثانية عن لازم عدم الغفلة وهو المؤاخذة، فهو كناية بمرتبتين، ذلك لأن النهي عن الشيء يأذن بأن المنهي عنه بحيث يتلبس به المخاطب، فنهيه عنه تحذير من التلبس به بقطع النظر عن تقدير تلبس المخاطب بذلك الحسبان. وعلى هذا الاستعمال جاءت الآية سواء جعلنا الخطاب لكل من يصح أن يخاطب فيدخل فيه النبي عليه الصلاة والسلام أم جعلناه للنبي ابتداء ويدخل فيه أمته.
ونفي الغفلة عن الله ليس جارياً على صريح معناه لأن ذلك لا يظنه مؤمن بل هو كناية عن النهي عن استعجال العذاب للظالمين. ومنه جاء معنى التسلية للرسول ( ﷺ )
والغفلة : الذهول، وتقدم في قوله تعالى :( وإن كنا عن دراستهم لغافلين في سورة الأنعام ( ١٥٦ ).
والمراد بالظلم هنا الشرك، لأنه ظلم للنفس بإيقاعها في سبب العذاب المؤلم، وظلم لله بالاعتداء على ما يجب له من الاعتراف بالوحدانية. ويشمل ذلك ما كان من الظلم دون الشرك مثل ظلم الناس بالاعتداء عليهم أو حرمانهم حقوقهم فإن الله غير غافل عن ذلك. ولذلك قال سفيان بن عُيَيْنة هي تسلية للمظلوم وتهديد للظالم.
وقوله : فيه الأبصار ( مبنية لجملة ) ولا تحسبن الله غافلاً ( الخ.
وشخوص البصر : ارتفاعه كنظر المبهوت الخائف.
وأل في ) الأبصار ( للعموم، أي تشخص فيه أبصار الناس من هول ما يرون. ومن جملة ذلك مشاهدة هول أحوال الظالمين.
والإهطاع : إسراع المشي مع مد العنق كالمتختل، وهي هيئة الخائف.
وإقناع الرأس : طأطأته من الذل، وهو مشتق من قَنَع من باب مَنَع إذا تذلّل. و ) مهطعين مقنعي رؤوسهم ( حالان.


الصفحة التالية
Icon