" صفحة رقم ٩٢ "
بالأمم قبلهم، وما ذلك إلا لذهولهم عن قدرة الله تعالى التي سيق الكلام للاستدلال عليها والتفريع عنها، فهم يستعجلون بنزوله بهم استخفافاً واستهزاء كقولهم :( فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ( الأنفال : ٣٢ )، وقولهم : أو تُسقِطَ السماءَ كما زعمتَ علينا كِسَفا ( الإسراء : ٩٣ ).
والباء في بالسيئة ( لتعدية الفعل إلى ما لم يكن يتعدى إليه. وتقدم عند قوله تعالى :( ما عندي ما تستعجلون به في سورة الأنعام ( ٥٧ ).
والسيئة : الحالة السيئة. وهي هنا المصيبة التي تسوء من تحل به. والحسنة ضدها، أي أنهم سألوا من الآيات ما فيه عذاب بسوء، كقولهم : إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطِر علينا حجارةً من السماء ( ( الأنفال : ٣٢ ) دون أن يسألوا آية من الحسنات.
فهذه الآية نزلت حكاية لبعض أحوال سؤالهم الظّانين أنه تعجيز، والدالين به على التهكم بالعذاب.
وقبْليّة السيئة قبلية اعتبارية، أي مختارين السيئة دون الحسنة. وسيأتي تحقيقه عند قوله تعالى :( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة في سورة النمل ( ٤٦ ) فانظره.
وجملة وقد خلت من قبلهم المثلات ( في موضع الحال. وهو محل زيادة التعجيب لأن ذلك قد يعذرون فيه لو كانوا لم يروا آثار الأمم المعذبة مثل عاد وثمود.
والمَثُلات بفتح الميم وضم المثلثة : جمع مَثُلة بفتح الميم وضم الثاء كسَمُرة، وبضم الميم وسكون الثاء كعُرْفة : وهي العقوبة الشديدة التي تكون مثالاً تُمثل به العقوبات.
وجملة ) وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ( عطف على جملة ) وقد خلت من قبلهم المثلات ). وهذا كشف لغرورهم بتأخير العذاب عنهم لأنهم لمّا


الصفحة التالية
Icon