" صفحة رقم ٩٨ "
خبراً عن ) وكل شيء ( و ) بمقدار ( في موضع الحال من ) وكل شيء ). ويجوز أن يكون ) بمقدار ( في موضع الحال من مقدار ويكون ) بمقدار ( خبراً عن ) كل شيء ).
والمقدار : مصدر ميمي بقرينة الباء، أي بتقدير، ومعناه : التحديد والضبط. والمعنى أنه يعلم كلّ شيء علماً مفصّلاً لا شيوع فيه ولا إبهام. وفي هذا ردّ على الفلاسفة غير المسلمين القائلين أنّ واجب الوجود يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات فراراً من تعلّق العلم بالحوادث. وقد أبطل مذهبهم علماءُ الكلام بما ليس فوقه مرام. وهذه قضية كلية أثبتت عموم علمه تعالى بعد أن وقع إثبات العموم بطريقة التمثيل بعلمه بالجزئيات الخفية في قوله :( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد ).
وجملة ) عالم الغيب والشهادة ( تذييل وفذلكة لتعميم العلم بالخفيات والظواهر وهما قسما الموجودات. وقد تقدم ذكر ) الغيب في صدر سورة البقرة ( ٤ ).
وأما الشهادة ( فهي هنا مصدر بمعنى المفعول، أي الأشياء المشهودة، وهي الظاهرة المحسوسة، المرئيات وغيرها من المحسوسات، فالمقصود من ) الغيب والشهادة ( تعميم الموجودات كقوله :( فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ( الحاقة : ٣٨ ٣٩ ).
والكبير : مجاز في العظمة، إذ قد شاع استعمال أسماء الكثرة وألفاظ الكبر في العظمة تشبيهاً للمعقول بالمحسوس وشاع ذلك حتى صار كالحقيقة. والمتعالي : المترفع. وصيغت الصفة بصيغة التفاعل للدلالة على أن العلو صفة ذاتية له لا من غيره، أي الرفيع رفعة واجبة له عقلاً. والمراد بالرفعة هنا المجاز عن العزة التامة بحيث لا يستطيع موجود أن يغلبه أو يكرهه، أو المنزه عن النقائص كقوله عزّ وجلّ تعالى عما يشركون ( النحل : ٣ ).
وحذف الياء من المتعال ( لمرعاة الفواصل الساكنة لأن الأفصح في