" صفحة رقم ١٢٠ "
وعطف ) ولتبتغوا ( على ) وتستخرجوا ( ليكون من جملة النّعم التي نشأت عن حكمة تسخير البحر. ولم يجعل علة لمخر الفلك كما جعل في سورة فاطر ( ١٢ ) ) وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله لأن تلك لم تصدر بمنّة تسخير البحر بل جاءت في غرض آخر.
وأعيد حرف التعليل في قوله تعالى : ولتبتغوا من فضله ( لأجل البعد بسبب الجملة المعترضة.
والابتغاء من فضل الله : التجارة كما عبّر عنها بذلك في قوله تعالى ) ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم في سورة البقرة ( ١٩٨ ).
وعطف ولعلكم تشكرون ( على بقية العلل لأنه من الحكم التي سخّر الله بها البحر للناس حملاً لهم على الاعتراف لله بالعبودية ونبذهم إشراك غير ربّه فيها. وهو تعريض بالذين أشركوا.
، ١٦ ) ) وَأَلْقَى فِى الاَْرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ).
انتقال إلى الاستدلال والامتنان بما على سطح الأرض من المخلوقات العظيمة التي في وجودها لطف بالإنسان. وهذه المخلوقات لما كانت مجعولة كالتكملة للأرض وموضوعة على ظاهر سطحها عبّر عن خلقها ووضعها بالإلقاء الذي هو رمي شيء على الأرض. ولعلّ خلقها كان متأخراً عن خلق الأرض، إذ لعلّ الجبال انبثقت باضطرابات أرضيّة كالزلزال العظيم ثم حدثت الأنهار بتهاطل الأمطار. وأما السبل والعلامات فتأخّر وجودها ظاهر، فصار خلق هذه الأربعة شبيهاً بإلقاء شيء في شيء بعد تمامه.
ولعل أصل تكوين الجبال كان من شظايا رمت بها الكواكب فصادفت سطح الأرض، كما أن الأمطار تهاطلت فكوّنت الأنهار ؛ فيكون تشبيه حصول


الصفحة التالية
Icon