" صفحة رقم ١٣٠ "
بالنبوءة ولا يخلّون بينك وبين من يتطلب الهدى، مضلّون للناس صادّونهم عن الإسلام.
وذكر فعل القول يقتضي صدوره عن قائل يسألهم عن أمر حدث بينهم وليس على سبيل الفرض، وأنهم يجيبون بما ذكر مكراً بالدين وتظاهراً بمظهر الناصحين للمسترشدين المستنصحين بقرينة قوله تعالى : ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ( سورة النحل : ٢٥ ).
وإذا ( ظرف مضمّن معنى الشّرط. وهذا الشّرط يؤذن بتكرّر هذين القولين. وقد ذكر المفسرون أن قريشاً لما أهمّهم أمر النبي ( ﷺ ) ورأوا تأثير القرآن في نفوس الناس، وأخذ أتباع الإسلام يكثرون، وصار الواردون إلى مكّة في موسم الحجّ وغيره يسألون الناس عن هذا القرآن، و ماذا يدعو إليه، دبّر لهم الوليد بن المغيرة معاذير واختلاقاً يختلقونه ليقنعوا السّائلين به، فندب منهم ستة عشر رجلاً بعثهم أيام الموسم يقعدون في عقبات مكّة وطرقها التي يرد منها الناس، يقولون لمن سألهم : لا تغترّوا بهذا الذي يدّعي أنه نبيّ فإنه مجنون أو ساحر أو شاعر أو كاهن، وأن الكلام الذي يقوله أساطير من أساطير الأولين اكتتبها. وقد تقدم ذلك في آخر سورة الحِجر. وكان النضر بن الحارث يقول : أنا أقرأ عليكم ما هو أجمل من حديث محمد أحاديثَ رُسْتُمَ وإِسْفَنْدِيَارَ. وقد تقدّم ذكره عند قوله تعالى :( ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله في سورة الأنعام ( ٩٣ ).
ومساءلة العرب عن بعث النبي كثيرة واقعة. وأصرحها ما رواه البخاري عن أبي ذرّ أنه قال : كنت رجلاً من غفار فبلَغَنَا أْن رجلاً قد خرج بمكّة يزعم أنه نبيء، فقلت لأخِي أُنَيْسٍ : انطلقْ إلى هذا الرجل كلّمْه وائتني بخبره، فانطَلَق فلقيَه ثم رجع، فقلتُ : ما عندك ؟ فقال : والله لقد رأيتُ رجلاً يأمر بالخير وينهى عن الشرّ. فقلتُ : لم تشفني من الخبر، فأخذتُ جراباً وعصاً ثم أقبلت إلى مكّة فجعلت لا أعرفه


الصفحة التالية
Icon