" صفحة رقم ١٣٥ "
والسّقْف ( : حقيقته غطاء الفراغ الذي بين جدران البيت، يجعل على الجدران ويكون من حَجر ومن أعواد، وهو هنا مستعار لما استعير له البناء.
و ) من فوقهم ( تأكيد لجملة ) فسخرّ عليهم السّقف ).
ومن مجموع هذه الاستعارات تتركّب الاستعارة التمثيليّة. وهي تشبيه هيئة القوم الّذين مكروا في المنعة فأخذهم الله بسرعة وأزال تلك العزّة بهيئة قوم أقاموا بنياناً عظيماً ذا دعائم وآووا إليه فاستأصله الله من قواعده فخرّ سقف البناء دفعة على أصحابه فهلكوا جميعاً. فهذا من أبدع التمثيليّة لأنها تنحلّ إلى عدّة استعارات.
وجملة ) وأتاهم العذاب ( عطف على جملة ) فأتى الله بنيانهم من القواعد ). وأل في ) العذاب ( للعهد فهي مفيدة مضمون قوله ) من فوقهم ( مع زيادة قوله تعالى :( من حيث لا يشعرون ). فباعتبار هذه الزيادة وردت معطوفة لحصول المغايرة وإلا فإن شأن الموكدة أن لا تعطف. والمعنى أن العذاب المذكور حلّ بهم بغتة وهم لا يشعرون فإن الأخذ فَجْأ أشدّ نكاية لما يصحبه من الرّعب الشديد بخلاف الشيء الوارد تدريجاً فإنّ النّفس تتلقّاه بصبر.
) ) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِىَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْىَ الْيَوْمَ وَالْسُّو ءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (
عطف على ) ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ( ( سورة النحل : ٢٥ )، لأن ذلك وعيد لهم وهذا تكملة له.
وضمير الجمع في قوله تعالى :( يخزيهم ( عائد إلى ما عاد إليه الضمير المجرور باللام في قوله تعالى ) وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم ( سورة النحل : ٢٤ ). وذلك عائد إلى الذين لا يؤمنون بالآخرة ( سورة النحل : ٢٢ ).


الصفحة التالية
Icon