" صفحة رقم ١٧٣ "
اكتفاء بالنّهي عن تعدّد الإله بل المقصود النّهي عن التّعدد الخاص وهو قول المجوس بإلهين. ووقع في ( الكشاف ) توجيه ذكر ) اثنين ( بأنه لدفع احتمال إرادة الجنس حقيقة لا مجازاً.
وإذ نُهوا عن اتخاذ إلهين فقد دلّ بدلالة الاقتضاء على إبطال اتخاذ آلهة كثيرة.
وجملة ) إنما هو إلاه واحد ( يجوز أن تكون بياناً لجملة ) لا تتخذوا إلاهين اثنين (، فالجملة مقولة لفعل ) وقال الله ( لأن عطف البيان تابع للمبيّن كموقع الجملة الثانية في قول الشاعر :
أقول له ارحَلْ لا تَقيمَنّ عندنا
فلذلك فُصلت، وبذلك أفيد بالمنطوق ما أفيد قبلُ بدلالة الاقتضاء.
والضمير من قوله تعالى :( إنما هو إلاه واحد ( عائد إلى اسم الجلالة في قوله :( وقال الله (، أي قال الله إنما الله إله واحد، وهذا جَريٌ على أحد وجهين في حكاية القول وما في معناه بالمعنى كما هنا، وقوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام ) أن اعبدوا الله ربي وربكم ( سورة المائدة : ١١٧ ) فأن اعبدوا الله ( مفسرُ ( أمَرْتني )، وفعل ( أمَرْتني ) فيه معنى القول، والله قال له : قل لهم اعبُدوا الله ربك وربهم، فحكاه بالمعنى، فقال : ربّي.
والقصر في قوله :( إنما هو إلاه واحد ( قصر موصوف على صفة، أي الله مختصّ بصفة توحّد الإلهية، وهو قصر قلب لإبطال دعوى تثنية الإله.
ويجوز أن تكون جملة ) إنما هو إلاه واحد ( معترضةً واقعة تعليلاً لجملة ) لا تتخذوا إلاهين اثنين ( أي نَهى الله عن اتخاذ إلهين لأن الله واحد، أي والله هو مسمّى إله فاتّخاذ إلهين اثنين قلب لحقيقة الإلهية.


الصفحة التالية
Icon