" صفحة رقم ١٩١ "
ولهذا جاء الاستدراك بقوله تعالى :( ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ). فموقع الاستدراك هنا أنه تعقيب لقوله تعالى :( ما ترك عليها من دابة ).
والأجل : المدّة المعيّنة لفعل ما. والمسمّى : المعيّن، لأن التسمية تعيين الشيء وتمييزه، وتسمية الآجال تحديدها.
وتقدم نظير هذه عند قوله تعالى :( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون في سورة الأعراف ( ٣٤ ).
٦٢ ) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ الْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ ).
هذا ضغث على إبّالة من أحوالهم في إشراكهم تخالف قصّة قوله تعالى :( ويجعلون لله البنات ( سورة النحل : ٥٧ ) باعتبار ما يختصّ بهذه القصّة من إضافتهم الأشياء المكروهة عندهم إلى الله مما اقتضته كراهتهم البنات بقوله تعالى : ولهم ما يشتهون ( سورة النحل : ٥٧ )، فكانَ ذلك الجعل ينطوي على خصلتين من دين الشّرك، وهما : نسبة البنوّة إلى الله، ونسبة أخسّ أصناف الأبناء في نظرهم إليه، فخصّت الأولى بالذكر بقوله ويجعلون لله البنات مع الإيماء إلى كراهتهم البنات كما تقدّم. وخصّت هذه بذكر الكراهية تصريحاً، ولذلك كان الإتيان بالموصول والصلة ما يكرهون ( هو مقتضى المقام الذي هو تفظيع قولهم وتشنيع استئثارهم. وقد يكون الموصول للعموم فيشير إلى أنهم جعلوا لله أشياء يكرهونها لأنفسهم مثل الشريك في التصرّف ؛ وأشياء لا يرضونها لآلهتهم ونسبوها لله كما أشار إليه قوله تعالى :( فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ( سورة الأنعام : ١٣٦ ).
وفي الكشاف ( :( يجعلون لله أرذل أموالهم ولأصنامهم أكرمها ). فهو مراد من عموم الموصول، فتكون هذه القصة أعمّ من قصّة قوله تعالى :