" صفحة رقم ٢٤٣ "
وأخبراهم ببعض قوله، فقال لهم أحبار اليهود : سَلُوه عن ثلاث ؟ فإن أخبركم بهن فهو نبيء وإن لم يفعل فالرجل متقوّل، سَلُوه عن فِتيةٍ ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم، وسَلُوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وسلوه عن الروح ما هي. فرجع النضر وعقبة فأخبرا قريشاً بما قاله أحبار اليهود، فجاء جمع من المشركين إلى رسول الله فسألوه عن هذه الثلاثة ؛ فقال لهم رسول الله : أخبركم بما سألتم عنه غداً ( وهو ينتظر وقت نزول الوحي عليه بحسب عادة يعلمها ). ولم يقل : إن شاء الله. فمكث رسول الله ثلاثة أيام لا يوحى إليه، وقال ابن إسحاق : خمسة عشر يوماً، فأرجَف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غداً وقد أصبحنا اليوم عدة أيام لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه، حتى أحزن ذلك رسول الله وشق عليه، ثم جاءه جبريل عليه السلام بسورة الكهف وفيها جوابهم عن الفتية وهم أهل الكهف، وعن الرجل الطواف وهو ذو القرنين. وأُنزل عليه فيما سألوه من أمر الروح ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا من ( الإسراء : ٨٥ ). قال السهيلي : وفي رواية عن ابن إسحاق من غير طريق البكائي ( أي زياد بن عبد الله البكائي الذي يروي عنه ابن هشام ) أنه قال في هذا الخبر : فناداهم رسول الله : هو ( أي الروح ) جبريل. وهذا خلاف ما رَوى غيره أن يهود قالت لقريش : سلوه عن الروح فإن أخبركم به فليس بنبيء وإن لم يخبركم به فهو نبيء ا هـ.
وأقول : قد يجمع بين الروايتين بأن النبي بعد أن أجابهم عن أمر الروح بقوله تعالى : قل الروح من أمر ربي ( الإسراء : ٨٥ ) بحسب ما عنوه بالروح عدل بهم إلى الجواب عن أمر كان أولى لهم العلم به وهو الروح الذي تكرر ذكره في القرآن مثل قوله : نزل به الروح الأمين ( الشعراء : ١٩٣ ) وقوله : والروح فيها ( القدر : ٤ ) ( وهو من ألقاب جبريل ) على طريقة الأسلوب


الصفحة التالية
Icon