" صفحة رقم ٢٦٢ "
ملك في حدود سنة ٢٣٧. وكان ملكه سنة واحدة. وكان متعصباً للديانة الرومانية وشديد البغض للنصرانيّة، فأظهروا كراهية الديانة الرومانية. وتوعدهم دوقيوس بالتعذيب، فاتفقوا على أن يخرجوا من المدينة إلى جبل بينه وبين المدينة فرسخان يقال له ( بنجلوس ) فيه كهف أووا إليه وانفردوا فيه بعبادة الله. ولما بلغ خبر فرارهم مسامع الملك وأنهم أووا إلى الكهف أرسل وراءهم فألقى الله عليهم نومةً فظنهم أتباعُ الملك أمواتاً. وقد قيل : إنه أمر أن تُسد فوهة كهفهم بحائط، ولكن ذلك لم يتم فيما يظهر لأنه لو بني على فوهة كهفهم حائط لما أمكن خروج من انبعث منهم. ولعل الذي حال دون تنفيذ ما أمر به الملك أن مدته لم تطل في الملك إذ لم تزد مدته على عام واحد، وقد بقوا في رقدتهم مدة طويلة قربها ابن العبري بمائتين وأربعين سنة، وكان انبعاثهم في مدة مُلك ( ثاوذوسيوس ) فيصر الصغير، وذكر القرآن أنها ثلاثمائة سنة.
ثم إن الله جعلهم آية لأنفسهم وللناس فبعثهم من مرقدهم ولم يعلموا مدة مكثهم وأرسلوا أحدهم إلى المدينة، وهي ( أبسس )، بدراهم ليشتري لهم طعاماً. فعجب الناس من هيئته ومن دراهمه وعجب هو مما رأى من تغيير الأحوال. وتسامَع أهل المدينة بأمرهم، فخرج قيصر الصغير مع أساقفةٍ وقسيسين وبطارقة إلى الكهف فنظروا إليهم وكلموهم وآمنوا بآيتهم، ولما انصرفوا عنهم ماتوا في مواضعهم، وكانت آية تأيّد بها دين المسيح.
والذي في ( كتاب الطبري ) أن الذين ذهبوا إلى مشاهدة أصحاب الكهف هم رئيسا المدينة ( أريوس ) و ( أطيوس ) ومن معهما من أهل المدينة، وقيل لما شاهدهم الناس كتبَ واليا المدينة إلى ملك الروم، فحضر وشاهدهم وأمر بأن يبنى عليهم مسجد. ولم يذكروا هَلْ نُفّذ بناء المسجد أو لم ينفذ. ولم يذكر أنه وقع العثور على هذا الكهف بعد ذلك. ولعله قد انهدم بحادث زلزال أو نحوه كرامة من الله لأصحابه، وإن كانت الأخبار الزائفة عن تعيينه في مواضع من بلدان المسلمين في أقطار الأرض كثيرة. وفي جنوب القطر التونسي موضع يُدعى


الصفحة التالية
Icon