" صفحة رقم ٢٧٥ "
و ( لولا ) حرف تحْضيض. حقيقتهُ : الحثّ على تحصيل مدخولها. ولما كان الإتيان بسلطان على ثبوت الإلهية للأصنام التي اتخذوها آلهة متعذراً بقرينة أنهم أنكروه عليهم انصرف التحضيض إلى التبكيت والتغليط، أي اتخذوا آلهة من دون الله لا برهان على إلهيتهم.
ومعنى ) عليهم ( على آلهتهم، بقرينة قوله :( اتخذوا من دونه آلهة ).
والسلطان : الحجة والبرهان.
والبين : الواضح الدلالة. ومعنى الكلام : إذ لم يأتوا بسلطان على ذلك فقد أقاموا اعتقادهم على الكذب والخطأ، ولذلك فرع عليه جملة ) فمن أظلم ممن أفترى على الله كذباً ).
و ( مَن ) استفهامية، وهو إنكار، أي لا أظلمُ ممن افترى. والمعنى : أنه أظلم من غيره. وليس المراد المساواة بينه وبين غيره، كما تقدم في قوله تعالى :( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ( البقرة : ١١٤ ).
والمعنى : أن هؤلاء افتروا على الله كذباً، وذلك أنهم أشركوا معه غيره في الإلهية فقد كذبوا عليه في ذلك إذ أثبتوا له صفة مخالفة للواقع.
وافتراء الكذب تقدم في قوله تعالى : ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب في سورة المائدة ( ١٠٣ ).
ثم إن كان الكلام من مبدئه خطاباً لقومهم أعلنوا به إيمانهم بينهم كما تقدم كانت الإشارة في قولهم : هؤلاء قومنا ( على ظاهرها، وكان ارتقاء في التعريض لهم بالموعظة ؛ وإن كان الكلام من مبدئه دائراً بينهم في خاصتهم كانت الإشارة إلى حاضر في الذهن كقوله تعالى :( فإن يكفر بها هؤلاء ( الأنعام : ٨٩ ) أي مشركو مكة.


الصفحة التالية
Icon