" صفحة رقم ٢٩٥ "
المتعنتين، أي لا تسأل علم ذلك من أجل حرص السائلين على أن تعلمهم بيقين أمر أهل الكهف فإنك علِمته ولم تؤمر بتعليمهم إياه، ولو لم يحمل النهي على هذا المعنى لم يتضح له وجه. وفي التقييد ب ) منهم ( مُحترز ولا يستقيم جعل ضمير ) منهم ( عائداً إلى أهل الكتاب، لأن هذه الآيات مكية باتفاق الرواة والمفسرين.
، ٢٤ ) ) وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذالِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لاَِقْرَبَ مِنْ هَاذَا رَشَدًا (
عطف على الاعتراض. ومناسبة موقعه هنا ما رواه ابن إسحاق والطبري في أول هذه السورة والواحدي في سورة مريم : أن المشركين لما سألوا النبي ( ﷺ ) عن أهل الكهف وذي القرنين وعدهم بالجواب عن سؤالهم من الغد ولم يَقُل ( إن شَاءَ الله )، فلم يأته جبريل عليه السلام بالجواب إلا بعد خمسة عشرَ يوماً. وقيل : بعد ثلاثة أيام كما تقدم، أي فكان تأخير الوحي إليه بالجواب عتاباً رمزياً من الله لرسوله عليه الصلاة والسلام كما عاتب سليمان عليه السلام فيما رواه البخاري :( أن سليمان قال : لأطوفَنّ الليلة على مائة امرأة تَلِد كل واحدة ولداً يقاتل في سبيل الله فلم تحمل منهن إلا واحدة ولدت شِقّ غلام ). ثم كان هذا عتاباً صريحاً فإن رسول الله ( ﷺ ) لما سئل عن أهل الكهف وعد بالإجابة ونسي أن يقول :( إن شاء الله ) كما نسي سليمان، فأعلم الله رسوله بقصة أهل الكهف، ثم نهاه عن أن يَعِد بفعل شيء دون التقييد بمشيئة الله.
وقوله :( إلا أن يشاء الله ( استثناء حقيقي من الكلام الذي قبله. وفي كيفية نظمه اختلاف للمفسرين، فمقتضى كلام الزمخشري أنه من بقية جملة النهي، أي هو استثناء من حكم النهي، أي لا تقولن : إني فاعل الخ... إلا أن يشاء الله أن تقوله. ومشيئة الله تُعلم من إذنه بذلك، فصار المعنى : إلا أن


الصفحة التالية
Icon