" صفحة رقم ٣٣٤ "
ومعنى وخير أملاً ( أن أمل الآمل في المال والبنين إنما يأمل حصول أمر مشكوك في حصوله ومقصور على مدته. وأما الآمل لثواب الأعمال الصالحة فهو يأمل حصول أمر موعود به من صادق الوعد، ويأمل شيئاً تحصل منه منفعة الدنيا ومنفعة الآخرة كما قال تعالى :( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ( النحل : ٩٧ ). فلا جرم كان قوله : وخير أملاً ( بالتحقق والعموم تذييلاً لما قبله.
٤٧، ٤٨ ) ) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الاَْرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ صَفَا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا ).
عطف على جملة ) واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ( الكهف : ٤٥ ). فلفظ ( يومَ ) منصوب بفعل مضمر، تقديره : اذكر، كما هو متعارف في أمثاله. فبعد أن بين لهم تعرض ما هم فيه من نعيم إلى الزوال على وجه الموعظة، أعقبه بالتذكير بما بعد ذلك الزوال بتصوير حال البعث وما يترقبهم فيه من العقاب على كفرهم به، وذلك مقابلة لضده المذكور في قوله : والباقيات الصالحات خير ( الكهف : ٤٦ ).
ويجوز أن يكون الظرف متعلقاً بمحذوف غير فعل ( اذكر ) يدل عليه مقام الوعيد مثل : يَرون أمراً مفظعاً أو عظيماً أو نحو ذلك مما تذهب إلى تقديره نفس السامع. ويقدر المحذوف متأخراً عن الظرف وما اتصل به لقصد تهويل اليوم وما فيه.
ولا يجوز أن يكون الظرف متعلقاً بفعل القول المقدر عند قوله : لقد جئتمونا ( إذ لا يناسب موقعَ عطف هذه الجملة على التي قبلها، ولا وجه معه لتقديم الظرف على عامله.