" صفحة رقم ٣٣٦ "
وعَرض الشيء : إحضاره ليُرى حاله وما يحتاجه. ومنه عرض الجيش على الأمير ليرى حالهم وعدتهم. وفي الحديث ( عُرضت عليّ لأمم ) وهو هنا مستعار لإحضارهم حيث يعلمون أنهم سيتلقون ما يأمر الله به في شأنهم.
والصف : جماعة يقفون واحداً حذو واحد بحيث يبدو جميعهم لا يحجب أحد منهم أحداً. وأصله مصدر ( صفهم ) إذا أوقفهم، أطلق على المصفوف. وانتصب ) صفاً ( على الحال من واو ) عُرضوا ). وتلك الحالة إيذان بأنهم أحضروا بحالة الجناة الذين لا يخفى منهم أحد إيقاعاً للرعب في قولبهم.
وجملة ) وعرضوا على ربك ( معطوفة على جملة ) وحشرناهم (، فهي في موضع الحال من الضمير المنصوب في ) حشرناهم (، أي حشرناهم وقد عرضوا تنبيهاً على سرعة عرضهم في حين حشرهم.
وعدل عن الإضمار إلى التعريف بالإضافة في قوله :( على ربك ( دون أن يقال ( علينا ) لتضمن الإضافة تنويهاً بشأن المضاف إليه بأن في هذا العرض وما فيه من التهديد نصيباً من الانتصار للمخاطب إذ كذبوه حين أخبرهم وأنذرهم بالبعث.
وجملة ) لقد جئتمونا ( مقولٌ لقول محذوف دل عليه أن الجملة خطاب للمعروضين فتعين تقدير القول، وهذه الجملة في محل الحال. والتقدير : قائلين لهم لقد جئتمونا. وذلك بإسماعهم هذا الكلام من جانب الله تعالى وهم يعلمون أنه من جانب الله تعالى. والخطاب في قوله :( لقد جئتمونا ( موجه إلى معاد ضمير ) عُرضوا ).
والخبر في قوله :( لقد جئتمونا ( مستعمل في التهديد والتغليظ والتنديم على إنكارهم البعث. والمجيء : مجاز في الحضور، شبهوا حين موتهم بالغائبين وشبهت حياتهم بعد الموت بمجيء الغائب.
وقوله :( كما خلقناكم أول مرة ( واقع موقع المفعول المطلق المفيد للمشابهة، أي جئتمونا مجيئاً كخلقكم أول مرة. فالخلق الثاني أشبه الخلق الأول، أي فهذا


الصفحة التالية
Icon