" صفحة رقم ٣٤٦ "
بما استحقوا به عذاب النار. وكذلك عُبر ب ( النار ) في مقام الإضمار للموبق للدلالة على أن المَوبق هو النار فهو شبيه بعطف البيان.
والظن مستعمل هنا في معنى التحقق وهو من استعمالاته. ولعل اختياره هنا ضرب من التهكم بهم ؛ بأنهم رجحوا أن تلك النار أعدت لأجلهم في حين أنهم موقنون بذلك.
والمواقعة : مفاعلة من الوقوع، وهو الحصول لقصد المبالغة، أي واقعون فيها وقوع الشيء الحاصل في موقع يتطلبه فكأنه يقع هو فيه.
والمصرف : مكان الصرف، أي التخلص والمجاوزة. وفي الكلام إيجاز، تقديره : وحاولوا الانقلاب أو الانصراف فلم يجدوا عنها مصرفاً، أي مخلصاً.
٥٤ ) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىءٍ جَدَلاً ).
عطف على الجمل السابقة التي ضربت فيها أمثال من قوله :( واضرب لهم مثلاً رجلين ( الكهف : ٣٢ ) وقوله : واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ( الكهف : ٤٥ ). ولما كان في ذلك لهم مقنع وما لهم منه مدفع عاد إلى التنويه بهدي القرآن عودا ناظراً إلى قوله : واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ( الكهف : ٢٧ ) وقوله : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( الكهف : ٢٩ ) ؛ فأشار لهم أن هذه الأمثال التي قرعت أسماعهم هدي من جملة هدي القرآن الذي تبرمُوا منه. وتقدم الكلام على نظير هذه الآية عند قوله : ولقد صرفا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفوراً في سورة الإسراء ( ٨٩ ) ؛ سوى أنه يتجه هنا أن يُسأل لم قُدم في هذه الآية أحد متعلِقي فعل التصريف على الآخر إذ قدم هنا قوله : في هذا القرآن ( على قوله :( للناس ( عكس آية سورة الإسراء. وهو ما أشرنا إليه عند الآية السابقة من أن ذكر القرآن أهم


الصفحة التالية
Icon