" صفحة رقم ١٨٥ "
إنزال للقرآن فيه شقاء له، ونفي كل شقاء يتعلق بذلك الإنزال، أي جميع أنواع الشّقاء فلا يكون إنزال القرآن سبباً في شيء من الشقاء للرسول ( ﷺ )
وأول ما يراد منه هنا أسف النبي ( ﷺ ) من إعراض قومه عن الإيمان بالقرآن. قال تعالى :( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً ( ( الكهف : ٦ ).
ويجوز أن يكون المراد : ما أرسلناك لتخِيب بل لنؤيدك وتكون لك العاقبة.
وقوله ) إلاَّ تَذْكِرَةً ( استثناء مفرّغ من أحوال للقرآن محذوفة، أي ما أنزلنا عليك القرآن في حال من أحوال إلا حال تذكرة فصار المعنى : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وما أنزلناه في حال من الأحوال إلا تذكرة. ويدل لذلك تعقيبه بقوله ) تنزيلاً ممَّن خَلَق الأرضَ ( الذي هو حال من القرآن لا محالة، ففعل ) أنْزَلنا ( عامل في ) لِتَشْقَى ( بواسطة حرف الجرّ، وعامل في ) تَذْكِرة ( بواسطة صاحب الحال، وبهذا تعلم أن ليس الاستثناء من العلّة المنفية بقوله :( لِتَشْقَى ( حتى تتحير في تقويم معنى الاستثناء فتفزع إلى جعله منقطعاً وتقع في كُلف لتصحيح النّظم.
وقال الواحدي في ( أسباب النزول ) :( قال مقاتل : قال أبو جهل والنضر بن الحارث ( وزاد غير الواحدي : الوليد بن المغيرة، والمطعِم بنَ عديّ ) للنبيء ( ﷺ ) إنك لتشقى بترك ديننا، لما رأوا من طول عبادته واجتهاده، فأنزل الله تعالى :( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ( الآية، وليس فيه سند.
والتذكرة : خطور المنسي بالذهن ؛ فإن التوحيد مستقرّ في الفطرة والإشراك مناف لها، فالدعوة إلى الإسلام تذكير لما في الفطرة أو تذكير لملّة إبراهيم عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon