" صفحة رقم ١٨٦ "
و ) من يخشى ( هو المستعد للتأمل والنظر في صحة الدّين، وهو كل من يفكّر للنجاة في العاقبة، فالخشية هنا مستعملة في المعنى العَربي الأصلي، ويجوز أن يراد بها المعنى الإسلامي، وهو خوف الله، فيكون المراد من الفعل المآل، أي من يؤول أمره إلى الخشية بتيْسِير الله تعالى له التقوى، كقوله تعالى :( هدى للمتقين ( ( البقرة : ٢ ) أي الصائرين إلى التقوى.
و ) تنزيلاً ( حال من ) القُرءَانَ ( ثانية.
والمقصود منها التنويه بالقرآن والعناية به لينتقل من ذلك إلى الكناية بأن الذي أنزله عليك بهذه المثابة لا يترك نصرك وتأييدك.
والعدول عن اسم الجلالة أو عن ضميره إلى الموصولية لما تؤذن به الصلة من تحتم إفراده بالعبادة، لأنه خالق المخاطبين بالقرآن وغيرهم مما هو أعظم منهم خلقاً، ولذلك وُصف والسَّمَاوات بالعُلَى صفةً كاشفةً زيادة في تقرير معنى عظمة خالقها. وأيضاً لمّا كان ذلك شأن مُنْزل القرآن لا جرم كان القرآن شيئاً عظيماً، كقول الفرزدق :
إنّ الذي سمك السماء بنى لنا
بيتاً دعائمه أعزّ وأطول
و ) الرحمانُ ( يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف لازم الحذف تبعاً للاستعمال في حذف المسند إليه كما سماه السكّاكي. ويجوز أن يكون مبتدأ. واختير وصف ) الرحمن ( لتعليم النّاس به لأن المشركين أنكروا تسميته تعالى الرحمن :( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمن ( ( الفرقان : ٦٠ ). وفي ذكره هنا وكثرة التذكير به في القرآن بعث على إفراده بالعبادة شكراً على إحسانه بالرحمة البالغة.
وجملة ) على العرش استوى ( حال من ) الرَّحْمان ). أو خبر ثان عن المبتدأ المحذوف.