" صفحة رقم ٢١٣ "
أن يجعله معيناً له في أعماله، وسأله أن يأذن له بأن يكون شريكاً لموسى في أمره، أي أمر رسالته.
وقرأ ابن عامر بصيغة المتكلم بفتح الهمزة المقطوعة في ( اشدُد ) وبضم همزة ( أشركه )، فالفعلان إذن مجزومان في جواب الدعاء كما جزم ) يفقهوا قولي.
و هارُون ( مفعول أول لفعل ) اجْعَل (، قُدم عليه المفعول الثاني للاهتمام.
والشد : الإمساك بقوّة.
والأزر : أصله الظهر. ولما كان الظهر مجمع حركة الجسم وقوام استقامته أطلق اسمه على القُوّة إطلاقاً شائعاً يساوي الحقيقة فقيل الأزر للقوّة.
وقيل : آزره إذا أعانه وقوّاه. وسمي الإزار إزاراً لأنّه يشدّ به الظهر، وهو في الآية مراد به الظهر ليناسب الشدّ، فيكون الكلام تمثيلاً لهيئة المعين والمعان بهيئة مشدود الظهر بحزام ونحوه وشادّه.
وعلّل موسى عليه السلام سؤاله تحصيل ما سأله لنفسه ولأخيه، بأن يسبّحا الله كثيراً ويذكُرَا الله كثيراً. ووجه ذلك أنّ فيما سأله لنفسه تسهيلاً لأداء الدعوة بتوفر آلاتها ووجود العون عليها، وذلك مظنة تكثيرها.
وأيضاً فيما سأله لأخيه تشريكه في الدعوة ولم يكن لأخيه من قبل، وذلك يجعل من أخيه مضاعفة لدعوته، وذلك يبعث أخاه أيضاً على الدعوة. ودعوةُ كلّ منهما تشتمل على التعريف بصفات الله وتنزيهه فهي مشتملة على التسبيح، وفي الدعوة حثّ على العمل بوصايا


الصفحة التالية
Icon