" صفحة رقم ٦٦ "
والمعنى : لم أكن فيما دعوتك من قبل مردود الدعوة منك، أي أنه قد عهد من الله الاستجابة كلما دعاه.
وهذا تمهيد للإجابة من طريق غير طريق التمهيد الذي في الجمل المصاحبة له بل هو بطريق الحث على استمرار جميل صنع الله معه، وتوسلٌ إليه بما سلف له معه من الاستجابة.
روي أن محتاجاً سأل حاتماً الطائي أو مَعْنَ بن زائدةَ قائلاً :( أنا الذي أحسنت إليّ يوم كذا ) فقال :( مرحباً بمن تَوسل بنا إلينا ).
وجملة ) وإني خفت الموالي من ورائي ( عطف على جملة ) واشتعل الرأس شيباً، ( أي قاربت الوفاة وخفت الموالي من بعدي. وما روي عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وأبي صالح عن النبيء ( ﷺ ) مرسلاً أنه قال :( يرحم الله زكرياء ما كان عليه من وراثة ماله ). فلعلّه خشي سوء معرفتهم بما يخلّفه من الآثار الدينية والعلمية. وتلك أعلاق يعزّ على المؤمن تلاشيها، ولذلك قال :( يرثني ويرث من آل يعقوب ( فإن نُفوس الأنبياء لا تطمح إلا لمعالي الأمور ومصالح الدين وما سوى ذلك فهو تبع.
فقوله ) يَرِثُني ( يعني به وراثة ماله. ويؤيّده ما أخرجه عبد الرزاق عن قتادة عن الحسن أن النبيء ( ﷺ ) قال :( يرحم الله زكرياء ما كان عليه من وراثة ماله ).
والظواهر تؤذن بأن الأنبياء كانوا يُورَثون، قال تعالى :( وورث سليمان داوود ( ( النمل : ١٦ ). وأما قول النبيء ( ﷺ ) ( نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركْنَا صدقةٌ ) فإنما يريد به رسول الله نفسَه، كما حمله عليه عُمر في حديثه مع العبّاس وعليّ في ( صحيح البخاري ) إذ قال عمر :( يريد رسول الله بذلك نفسه )، فيكون ذلك


الصفحة التالية
Icon