" صفحة رقم ١٨٠ "
واختلف في هذه السورة هل هي مكية أو مدنية، أو كثير منها مكي وكثير منها مدني.
فعن ابن عباس ومجاهد وعطاء : هي مكية إلا ثلاث آيات من قوله ) هذان خصمان إلى وذوقوا عذاب الحريق ( ( الحج : ١٩ ٢٢ ). قال ابن عطيّة : وعد النقاش ما نزل منها بالمدينة عشر آيات.
وعن ابن عباس أيضاً والضحاك وقتادة والحسن : هي مدنية إلا آيات ) وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيء إلى قوله تعالى : أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ( ( الحج : ٥٢ ٥٥ ) فهن مكيات.
وعن مجاهد، عن ابن الزبير : أنها مدنية. ورواه العوفي عن ابن عباس.
وقال الجمهور هذه السورة بعضها مكيّ وبعضها مدنيّ وهي مختلطة، أي لا يعرف المكيّ بعينه، والمدنيّ بعينه. قال ابن عطيّة : وهو الأصح.
وأقول : ليس هذا القول مثل ما يَكثر أن يقولوه في بضع آيات من عدة سور : إنها نزلت في غير البلد الذي نزل فيه أكثر السورة المستثنى منها، بل أرادوا أن كثيراً منها مكيّ وأن مثله أو يقاربه مدني، وأنه لا يتعين ما هو مكيّ منها وما هو مدنيّ ولذلك عبروا بقولهم : هي مختلطة. قال ابن عطية : روي عن أنس بن مالك أنه قال :( نزل أول السورة في السفَر فنادى رسول الله بها فاجتمع إليه الناس ) وساق الحديث الذي سيأتي. يريد ابن عطيّة أن نزولها في السفر يقتضي أنها نزلت بعد الهجرة.
ويشبه أن يكون أولها نزل بمكة فإن افتتاحها ب ) ياأيها الناس ( ( الحج : ١ ) جار على سنن فواتح السور المكيّة. وفي أساليب نظم كثير


الصفحة التالية
Icon