" صفحة رقم ٢٤٦ "
ما وعدهم الله على لسان إبراهيم عليه السلام من الثواب. فكُني بشهود المنافع عن نيلها. ولا يعرف ما وعدهم الله على ذلك بالتعيين. وأعظم ذلك اجتماع أهل التوحيد في صعيد واحد ليتلقى بعضهم عن بعض ما به كمال إيمانه.
وتنكير ) منافع ( للتعظيم المراد منه الكثرة وهي المصالح الدينية والدنيوية لأن في مجمع الحجّ فوائد جمّة للناس : لأفرادهم من الثواب والمغفرة لكل حاج، ولمجتمعهم لأن في الاجتماع صلاحاً في الدنيا بالتعارف والتعامل.
وخُص من المنافع أن يذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام. وذلك هو النحر والذبح للهدايا. وهو مجمل في الواجبة والمتطوع بها. وقد بيّنْته شريعة إبراهيم من قبل بما لم يبلغ إلينا، وبيّنه الإسلام بما فيه شفاء.
وحرف ) على ( متعلّق ب ) يذكروا، ( وهو للاستعلاء المجازي الذي هو بمعنى الملابسة والمصاحبة، أي على الأنعام. وهو على تقدير مضاف، أي عند نحر بهيمة الأنعام أو ذبحها.
و ( ما ) موصولة، و ) من بهيمة الأنعام ( بيان لمدلول ( ما ). والمعنى : ليذكروا اسم الله على بهيمة الأنعام. وأدمج في هذا الحكم الامتنان بأنّ الله رزقهم تلك الأنعام، وهذا تعريض بطلب الشكر على هذا الرزق بالإخلاص لله في العبادة وإطعام المحاويج من عباد الله من لحومها، وفي ذلك سد لحاجة الفقراء بتزويدهم ما يكفيهم لعامهم، ولذلك فرع عليه ) فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ).