" صفحة رقم ١٨٠ "
وضمير ) سمعتموه ( عائد إلى الإفك مثل الضمائر المماثلة له في الآيات السابقة.
واسم الإشارة عائد إلى الإفك بما يشتمل عليه من الاختلاق الذي يتحدث به المنافقون والضعفاء، فالإشارة إلى ما هو حاضر في كل مجلس من مجالس سماع الإفك.
ومعنى ) قلتم ما يكون لنا ( أن يقولوا للذين أخبروهم بهذا الخبر الآفك. أي قلتم لهم زجراً وموعظة.
وضمير ) لنا ( مراد به القائلون والمخاطبون. فأما المخاطبون فلأنهم تكلموا به حين حدثوهم بخبر الإفك. والمعنى : ما يكون لكم أن تتكلموا بهذا، وأما المتكلمون فلتنزههم من أن يجري ذلك البهتان على ألسنتهم.
وإنما قال :( ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ( دون أن يقول : ليس لنا أن نتكلم بهذا، للتنبيه على أن الكلام في هذا وكينونة الخوض فيه حقيق بالانتفاء. وذلك أن قولك : ما يكون لي أن أفعل، أشد في نفي الفعل عنك من قولك : ليس لي أن أفعل. ومنه قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام ) قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ( ( المائدة : ١١٦ ).
وهذا مسوق للتوبيخ على تناقلهم الخبر الكاذب وكان الشأن أن يقول القائل في نفسه : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، ويقول ذلك لمن يجالسه ويسمعه منه. فهذا زيادة على التوبيخ على السكوت عليه في قوله تعالى :( وقالوا هذا إفك مبين ( ( النور : ١٢ ).
و ) سبحانك ( جملة إنشاء وقعت معترضة بين جملة :( ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ( وجملة :( هذا بهتان عظيم ). و ) سبحانك ( مصدر وقع بدلاً من فعله، أي نسبح سبحاناً لك. وإضافته إلى ضمير الخطاب من إضافة المصدر إلى مفعوله، وهو هنا مستعار للتعجب كما تقدم عند قوله تعالى :( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ( ( الإسراء : ١ ) وقوله :( وسبحان الله وما أنا من المشركين (