" صفحة رقم ٣١٩ "
ومعنى ) قدّره ( جعله على مقدار وحدَ معيّن لا مجرد مصادفة، أي خلقه مقدراً، أي محكماً مضبوطاً صالحاً لما خلق لأجله لا تفاوت فيه ولا خلل. وهذا يقتضي أنه خلقه بإرادة وعلم على كيفية أرادها وعيّنها كقوله :( إنا كلَّ شيء خلقناه بقَدَر ( ( القمر : ٤٩ ). وقد تقدم في قوله تعالى :( أنزل من السماء ماء فسالت أوديةً بقَدَرِها في سورة الرعد ( ١٧ ). وتأكيد الفعل بالمفعول المطلق بقوله : تقديراً ( للدلالة على أنه تقدير كامل في نوع التقادير.
وما جاء من أول السورة إلى هنا براعة استهلال بأغراضها وهو يتنزل منزلة خطبة الكتاب أو الرسالة.
٣ ) ) وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءْالِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لاَِنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَواةً وَلاَ نُشُوراً ).
استطراد لانتهاز الفرصة لوصف ضلال أهل الشرك وسفالة تفكيرهم، فهو عطف على جملة :( الذي له ملك السماوات والأرض ( ( الفرقان : ٢ ) وما تلاها مما هو استدلال على انفراده تعالى بالإلهية، وأردفت بقوله :( وخلق كل شيء ( ( الفرقان : ٢ ) الشامل لكون ما اتخذوه من الآلهة مخلوقات فكان ما تقدم مهيئاً للتعجيب من اتخاذ المشركين آلهة دون ذلك الإلاه المنعوت بصفات الكمال والجلال.
فالخبر غير مقصود به الإفادة بل هو للتعجيب من حالهم كيف قابلوا نعمة إنزال الفرقان بالجحد والطغيان وكيف أشركوا بالذي تلك صفاته آلهةً أخرى صفاتهم على الضد من صفات من أشركوهم به، وإلا فإن اتخاذ المشركين آلهة أمر معلوم لهم وللمؤمنين فلا يقصد إفادتهم لحكم الخبر.
وبين قوله :( ولم يتخذ ولداً ( ( الفرقان : ٢ ) وقوله :( واتخذوا من دونه آلهة ( محسن الطباق.
وضمير :( اتخذوا ( عائد إلى المشركين ولم يسبق لهم ذكر في الكلام وإنما