" صفحة رقم ٣٢٠ "
هم معروفون في مثل هذا المقام وخاصة من قوله :( ولم يكن له شريك في الملك ( ( الفرقان : ٢ ).
وجملة :( لا يخلقون شيئاً ( مقابلة جملة ) الذي له ملك السماوات والأرض ( ( الفرقان : ٢ ).
وجملة :( وهم يخلقون ( مقابلة جملة :( ولم يتخذ ولداً ( ( الفرقان : ٢ ) لأن ولد الخالق يجب أن يكون متولداً منه فلا يكون مخلوقاً.
وجملة :( ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ( مقابلة جملة :( ولم يكن له شريك في الملك ( ( الفرقان : ٢ ) لأن الشركة في الملك تقتضي الشركة في التصرف.
وضمير :( لأنفسهم ( يجوز أن يعود إلى ) آلهة ( أي لا تقدر الأصنام ونحوها على ضر أنفسهم ولا على نفعهم. ويجوز أن يعود إلى ما عاد إليه ضمير ) واتخذوا ( أي لا تقدر الأصنام على نفع الذين عبدوهم ولا على ضرهم.
واعلم أن ) ضراً ولا نفعاً ( هنا جرى مجرى المثل لقصد الإحاطة بالأحوال، فكأنه قيل : لا يملكون التصرف بحال من الأحوال. وهذا نظير أن يقال : شرقاً وغرباً، وليلاً ونهاراً. وبذلك يندفع ما يشكل في بادىء الرأي من وجه نفي قدرتهم على إضرار أنفسهم بأنه لا تتعلق إرادة أحد بضر نفسه، وبذلك أيضاً لا يتطلب وجه لتقديم الضر على النفع، لأن المقام يقتضي التسوية في تقديم أحد الأمرين، فالمتكلم مخير في ذلك والمخالفة بين الآيات في تقديم أحد الأمرين مجرد تفنّن.
والمجرور في ) لأنفسهم ( متعلق ب ) يملكون ).
والضَّر بفتح الضاد مصدر ضرَّه، إذا أصابه بمكروه. وقد تقدم نظيره في قوله تعالى :( قل لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله ( في سورة يونس ( ٤٩ ).
وجملة :( ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً ( مقابلة جملة ) وخلق كل شيء فقدره تقديراً ( ( الفرقان : ٢ ) لأن أعظم مظاهر تقدير الخلق هو مظهر الحياة والموت، وذلك من المشاهدات. وأما قوله :( ولا نشوراً ( فهو تكميل لقرع المشركين نفاة البعث لأن نفي أن يكون الآلهة يملكون نشوراً يقتضي إثبات حقيقة النشور في نفس الأمر إذ الأكثر في كلام العرب أن نفي الشيء


الصفحة التالية
Icon