" صفحة رقم ٣٣٧ "
معلوم في سياق أمثاله، تقديره : اذكر ذلك اليوم لأنه لما توعدهم بالسعير وما يلاقون من هولها بيّن لهم حال ما قبل ذلك وهو حالهم في الحشر مع أصنامهم. وهذا مظهر من مظاهر الهول لهم في المحشر إذ يشاهدون خيبة آمالهم في آلهتهم إذ يرون حقارتها بين يدي الله وتبرؤها من عُبّادها وشهادتها عليهم بكفرانهم نعمة الله وإعراضهم عن القرآن، وإذ يسمعون تكذيب من عبدوهم من العقلاء من الملائكة وعيسى عليهم السلام والجن ونسبوا إليهم أنهم أمروهم بالضلالات.
وعموم الموصول من قوله :( وما يعبدون ( شامل لأصناف المعبودات التي عبدوها ولذلك أوثرت ( ما ) الموصولة لأنها تصدق على العقلاء وغيرهم. على أن التغليب هنا لغير العقلاء. والخطاب في ) أأنتم أضللتم ( للعقلاء بقرينة توجيه الخطاب.
فجملة :( قالوا سبحانك ( جواب عن سؤال الله إياهم :( أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل (، فهو استئناف ابتدائي ولا يتعلق به ) يوم نحشرهم ).
وقرأ الجمهور :( نحشرهم ( بالنون و ) يقول ( بالياء ففيه التفات من التكلم إلى الغيبة. وقرأه ابن كثير وأبو جعفر ويعقوب ) يحشرهم ويقول ( كليهما بالياء. وقرأ ابن عامر ) نحشرهم ونقول ( كليهما بالنون.
والاستفهام تقريري للاستنطاق والاستشهاد. والمعنى : أأنتم أضللتموهم أم ضلوا من تلقاء أنفسهم دون تضليل منكم. ففي الكلام حذف دل عليه المذكور.
وأخبر بفعل :( أضللتم ( عن ضمير المخاطبين المنفصل وبفعل ) ضلّوا ( عن ضمير الغائبين المنفصل ليفيد تقديم المسند إليهما على الخبرين الفعليين تقوي الحكم المقرر به لإشعارهم بأنهم لا مناص لهم من الإقرار بأحد الأمرين وأن أحدهم محقق الوقوع لا محالة. فالمقصود بالتقوية هو معادل همزة الاستفهام وهو :( أم هم ضلوا السبيل ).